لم يتبق أمام خريجي الثانوية من فرص تعليمية سوى الدراسة في الخارج لمن استطاع إلى ذلك سبيلا، وإذا ما عرفنا أن التعليم في الجامعات الخارجية بما فيها الجامعات العربية هو تعليم مشترك فإن مراجعة القانون رقم 24/1996 وتقييمه تقييما موضوعيا تصبح أمرا ملحا.
في عام 1996 صدر القانون رقم 24/1996 الذي ينص على منع التعليم المشترك أو ما يسمى خطأ "الاختلاط" في مؤسسات التعليم العالي كافة، ثم صدر بعد ذلك في عام 2000 القانون رقم 34/2000 بشأن إنشاء الجامعات الخاصة، إذ ألزمها بمنع التعليم المشترك في منشآتها الجامعية.وقد دار وما زال يدور جدل محتدم وواسع حول منع التعليم المشترك، فهناك من يرى ضرورة منعه منعا باتا، وهو ما يفهم من نص القانونين الآنفي الذكر، وهناك على الطرف الآخر من يرى، وكاتب هذه السطور من ضمنهم، وجوب السماح بالتعليم المشترك وزيادة فرصه لمن يرغب في ذلك مع وجود تعليم منفصل وزيادة فرصه أيضا لمن يرغب في ذلك على أساس أن حق الاختيار هو حق ديمقراطي أصيل، وهو ما ينص عليه دستور 1962.على أي حال وعلى الرغم من المخالفة الدستورية فقد حاولت مؤسسات التعليم العالي كافة تطبيق القانون 24/1996 على أرض الواقع، لكن ومن واقع تجربتنا العملية كوننا من أهل الميدان كما يقال فإن بعض هذه المحاولات قد باء بالفشل، أو أنه طبق تطبيقا مشوها يضر العملية التعليمية أكثر مما يفيدها رغم الجهود المخلصة والجادة التي بذلتها ولا تزال تبذلها إدارات مؤسسات التعليم العالي كافة، ورغم التكاليف المادية والبشرية الباهظة، وذلك لأسباب عديدة تطرقنا لبعضها في مقالات سابقة.لهذا، وبغض النظر عن الرأي الذي يتبناه أي منا، فإنه من الخطأ الجسيم الاستمرار في الوضع الحالي المربك للعملية التعليمية من دون أن تكون هناك، على الأقل، وقفة تقييمية جادة، إذ بات من الضروري أن تقيم الحكومة بشكل علمي ما ترتب على سياسة منع التعليم المشترك من سلبيات وإيجابيات تمس العملية التعليمية بعيدا عن الآراء أو الأهواء الشخصية المسبقة، خاصة أنه قد مضى فترة زمنية طويلة على إصدار القانون رقم 24/1996، وهو الأمر الذي يجعل عملية التقييم الموضوعي الشامل أمرا ضروريا؛ على أن تقوم به جهة أكاديمية محايدة لمعرفة ما إذا كان من المجدي على المديين المتوسط والطويل الاستمرار في محاولة تنفيذ هذا القانون، رغم مخالفته للدستور أو أن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات حكومية سريعة لتعديله من أجل تقليل التكلفة المادية والبشرية من ناحية، وبما يتوافق مع الدستور من الناحية الأخرى.بالإضافة إلى ذلك فإن الجميع يلاحظ أن فرص القبول المتاحة أمام بناتنا وأبنائنا من خريجي الثانوية قد ضاقت كثيرا سواء في الجامعة أو في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ومؤسسات التعليم العالي الآخرى، ولم يتبق أمامهم من فرص تعليمية سوى الدراسة في الخارج لمن استطاع إلى ذلك سبيلا، وإذا ما عرفنا أن التعليم في الجامعات الخارجية بما فيها الجامعات العربية هو تعليم مشترك فإن مراجعة القانون رقم 24/1996 وتقييمه تقييما موضوعيا تصبح أمرا ملحا، خصوصا أن تطبيقه بشكله الحالي يساهم في تقليل فرص قبولهم محليا، ناهيكم عن تعارضه بالأساس مع مواد الدستور ومع المبادئ الديمقراطية.
مقالات
منع التعليم المشترك التقييم المستحق
04-07-2011