إفطار مع الشيخ جابر

نشر في 14-01-2012
آخر تحديث 14-01-2012 | 00:01
No Image Caption
 يوسف عوض العازمي بعد التحرير مباشرة، وبينما كنت أيامها «جندياً» في قوات التحرير، وكان الوقت يصادف شهر رمضان المبارك، وكانت مهمتي التي كلفت بها هي حراسة مقر أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد- رحمه الله وغفر له- وكان المقر في منزل السيد عبدالعزيز البابطين في منطقة النزهة بجانب مركز الإطفاء.

وكان الشيخ جابر- رحمه الله- يسكن في ذلك المنزل الذي تمت إحاطته بحراسة من هذه القوات التابعة للجيش الكويتي ويزاول مهام عمله فيه، وبينما كنت أنتظر أذان المغرب في ذلك المنزل لأفطر بعد يوم طويل من الصيام، وكان جل الحضور هم جنود الجيش، فإذا برجل كبير في السن يشع النور من وجهه يرتدي «دشداشة»، يتناول طعامه بهدوء وبساطة منقطعة النظير، فهمس في أذني أحد الزملاء قائلا: هل عرفت من يجلس هناك؟ وكنت لم أنتبه إليه؟ «فقلت: من هو؟ ابتسم وقال: إنه الشيخ جابر! ما شاء الله!!!

وكان- رحمه الله- كعادته متواضعا غير مأسور بالبهرجة والعظمة، وكانت تلك الصفتان تعبران عن قوة شخصيته وثقته بالله وبنفسه وشعبه.

حتى في صلاة الفجر كان من أوائل الحضور في المصلى القريب من المنزل، كالعادة يذهب إليه بلا حراسة، حتى إني أذكر أنه أثناء إلقاء التحية العسكرية له وقت مروره للذهاب إلى الصلاة كان يوجه الجنود للذهاب لأداء الصلاة، وكان يقول «الصلاة الصلاة ياعيالي».

من الأمور التي تداولها الناس عن ذلك الشيخ الجليل التدين، والصدقات وأيضا الرحمة، وكان- رحمه الله وغفر له- يتمهل في توقيع «أحكام الإعدام»، لربما يأتي عفو، وكانت بعض حالات المحكومين نهائيا بالإعدام تصل إلى تسع سنوات بدون أن يتم تنفيذ الحكم.

أسأل الله جلت قدرته أن يرحمه، ويكرمه ويحسن إليه، والآن ستمر ذكرى وفاته و«إنا لله وإنا إليه راجعون»، وأتذكره وأتذكر تحديات جمة واجهت هذا الفقيد، الذي لولا إيمانه بالله، وثقته بشعبه لما وصل إلى ما وصل إليه من محبة وتقدير عند العالم أجمع، وليس لدى شعبه الوفي فقط.

والآن عندنا خير خلف لخير سلف، الشيخ صباح الأحمد- حفظه الله ورعاه- أميرنا الغالي وذخرنا، هذا الرجل الذي تربى في مدرسة الشيخ جابر، وفيه من خصاله الكثير، أسأل الله أن يعزه ولا يعز عليه، وأن يوفقه لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقه البطانة الصالحة لما فيه خير البلاد والعباد.

رحم الله سمو الأمير جابر الأحمد وغفر له وتجاوز عنه، وحفظ الله الكويت وشعبها وأميرها من كل مكروه.

back to top