الثالثة ثابتة... على المبدأ!
الدائرة الانتخابية الثالثة لها طابع خاص يميزها عن بقية الدوائر، فهي تجمع ألوان الطيف الكويتي اجتماعياً وسياسياً، فنجد تنوعاً مذهبياً وكذلك حضوراً قبلياً لا يستهان به، كما نلحظ نشاط القوى والتيارات السياسية المؤثر، فهي تعتبر الدائرة الوحيدة التي تحظى بتمثيل جميع الكتل البرلمانية في المجلسين السابقين، وبرغم وجود هذا التنوع المذهبي والقبلي فيها فإن الطرح الطائفي والقبلي لا يلقى قبولاً لدى ناخبيها. فمزاج ناخب الثالثة غالباً ما ينحاز إلى نواب المواقف والطرح الوطني منذ أن كانت مناطق هذه الدائرة موزعة على الـ25 دائرة سابقاً، كما أن هؤلاء النواب معظمهم ينتمي إلى الطبقة الوسطى فهم ليسوا من الطبقة التجارية الأولى، وليسوا من محدودي الدخل، فهي دائرة وسطى في كثير من المسائل. حتى إن موقعها الجغرافي متوسط بين الدوائر الخمس، ولعل من أهم ما يميز هذه الدائرة، بل هو مدعاة لفخر ناخبيها، أنها الدائرة الوحيدة التي نجا نوابها من تسونامي تضخم الحسابات البنكية المحالة إلى النيابة العامة. إلا أن خصوصية هذه الدائرة وثباتها يبدو أنهما لم يعجبا أو يريحا البعض الذي سعى- ويسعى- لتكون مخرجات الانتخابات القادمة مغايرة، وأن تخرج هذه الدائرة عن رشدها التاريخي من خلال إغراقها بمرشحين لا تتوافر فيهم أدنى صفة من صفات الرشد، وأخطرهم ذاك الذي يتبنى قضايا تبدو للوهلة الأولى أنها مستحقة ممتطياً تلك القضايا بكلمات حق يراد بها باطل، مستغلاً حالة الإحباط السياسي والاجتماعي للمواطن الكويتي الذي كان يتطلع أن يرى وطنه يتقدم ويتطور، وإذا به يراه يتراجع يوماً بعد يوم ملقياً باللائمة على من يعتقد أنهم طرؤوا حديثاً على مجتمعه ليصيبوا هذا المجتمع بسهم التخلف والجمود والانحدار! بهذه السطحية تختزل أسباب التراجع كما يراها هؤلاء المحبطون أو المغرر بهم، وأن الفارس المغوار عازف أوتار الفئوية والعنصرية صاحب السجل الحافل بالقضايا المدنية والجنائية وصاحب شعار "نبي ناكل وياكم" في أول حملة انتخابية له هو من سينقذ البلاد والعباد من التخلف، ومن سيدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، وبدخوله المجلس سيساهم بنقلة نوعية في الأداء البرلماني وسيرتقي بلغة الحوار، وستعود الكويت في عهده الميمون درة للخليج! إن الممارسات الخاطئة لأي فئة من فئات المجتمع لا تعني إقصاءها، وإبراز هذه الأخطاء وشن حرب شعواء عليها دون وضع حلول واقعية وعادلة لا ولن يؤديا إلى معالجة تلك الأخطاء، خصوصاً إذا علمنا أن هذه الأخطاء كانت نتاج جملة من العوامل، أهمها سياسات حكومية ساهمت في استمرارها وتفاقمها. ولا شك أن ناخبي الدائرة الثالثة أمام اختبار حقيقي لقياس مدى وعيهم، خصوصاً في هذه الانتخابات المهمة بأن تدفعهم مشاعرهم ولا تطربهم الأصوات النشاز، وألا تطغى عليهم عقلية التشفي والنكاية والانتقام الوهمي من الآخر، بإيصال "أراجوزات" للمجلس، فالحراك الشعبي الأخير يجب أن نجني ثماره في المجلس القادم بإيصال أصحاب الفكر والقوة والأمانة كي لا نعود إلى المربع الأول وإضاعة الوقت في مهاترات. نحن ننتظر بشغف تاريخ 2/2 لنرى اختيار الشعب الكويتي في الدوائر الانتخابية قاطبة، خصوصاً اختيار ناخبي الدائرة الثالثة الذين أوصلوا سابقاً رجالاً بوزن وفكر أحمد الخطيب وأحمد الربعي وسامي المنيس، فهل يا ترى سيتسلق على ظهورهم هذه المرة بلابل وحيتان ومجهولون؟! عشمي أن "الثالثة ثابتة"... على المبدأ.