الحديث عن التنمية هو حديث ذو شجون بغض النظر عما إذا كان الشيخ أحمد الفهد مسؤولاً عنها أم لا.

Ad

وحكاية الكويت مع التنمية هي حكاية قديمة وليست جديدة، تواطأ فيها الجميع معارضة وحكومة وحكماً فجعلوها كالدابة السائبة، أو البعير المعبّد، دون حتى حبل على الغارب، دون حادٍ، دون رعاية.

لعل قراءة سريعة لتاريخ التنمية وخططها ومجالسها ووزاراتها تكشف أن خطة التنمية الوحيدة التي شهدت تنفيذاً بقدر ما وانعكست على حالة نهوض كانت في سنة 1952. أما ما عدا ذلك فلم يكن إلا شعارات لا تعرف كيف تقيسها.

مجلس الأمة الحالي أقر في شبه إجماع خطة التنمية الركيكة لكي يرفع العتب عن نفسه، فتحولت تلك الخطة المزعومة إلى قيمة ظنية لا مقياس لها. وبدلاً من أن نركز على البعد القياسي للتنمية، تحولنا بها إلى مقاييس سياسية، فهذا يتحدث عن تنفيذ 25 في المئة، وذاك «يجاكره» ويتحداه بأنها أقل من ذلك، وآخر يزعم أنها أعلى من ذلك. وشيئاً فشيئاً تحولت التنمية إلى موضوع سياسي يتداوله السياسيون دون معنى، كما هي الوحدة الوطنية أو الولاء أو التدين وإلى آخر هذه العبارات التي أفرغها السياسيون من محتواها، فهم ينادون بالالتزام بها ويفعلون عكس ذلك.

هناك تصور ما، في ضمن هذا الضجيج السياسي المتهافت، بأنه حالما تنتهي حالة الصراع بين أفراد الأسرة، فإن أول المنطلقين سيكون التنمية وخطتها المرتبكة. وهو تصور لا يعاني ضعفَ التركيز فحسب، ولكنه يعاني ذاتَ الخلط وذات حفلة الزار المستمرة في حلبتنا السياسية المحتدمة.

صراعات الأسرة كانت منذ أكثر من مئة عام واستمرت وستظل ولن تتوقف. هي من طبيعة الأشياء. وما تعانيه البلاد اليوم من صراعات تجاوز الحدود التقليدية للصراع، وأصبح هناك حاجة لتقنينه وتحديد دور الأسرة في الفضاء العام، من الانخراط بالعمل السياسي مباشراً كان أو غير مباشر، إلى السيطرة الإعلامية، إلى العمل التجاري، وهي مسائل تحتاج إلى مكاشفة وصراحة تتجاوز بقاء الشيخ فلان أو رحيل الشيخ فلان، أو رحيلهما معاً، أو استبدالهما، وهو حديث لا بد أن يتم بحثه وحسمه في داخل كبار الأسرة، كما يجب بحثه وحسمه في أوساط القوى السياسية والاجتماعية المهتمة بتماسك المجتمع ورشده.

لن تؤثر صراعات الاسرة على التنمية وخطتها، لأن الخطة أو اللاخطة، إن شئت، جاءت حلاً شكلياً لصراع قائم، وتوزيعاً لمراكز القوى، فرح بها المجلس العاجز، رفعاً للعتب، وإبراءً للذمة، وتاهت فيها أولويات البلاد أكثر مما هي تائهة، وضائعة، وهي لن تؤثر، لأن خطة التنمية غير موجودة بالأساس، ولا حول ولا قوة إلا بالله.