"المجالس أمانات" مبدأ جميل وخلق رفيع كان يسود بين أهل الكويت جميعهم، فلا يمكن لرجل أن ينقل ما دار في مجلس خاص ويذيعه بين الناس وإلا عُد خائناً للأمانة وغير أهل للحديث عنه، وسقط من أعين معارفه، وصار محلاً للانتفاد والحذر من مجالسته، أما في هذه الأيام فقد أصبح ذلك الخلق الرفيع نسياً منسياً، وأثراً تاريخياً جميلاً يحكى عنه ولكنه لا يرى ولا يحس، فلا أمانة لأي مجلس ولا حصانة لأي حديث حتى لو كان مع شخص وحيد تربطك به علاقة وثيقة، ومن أراد أن يتأكد من ذلك فما عليه إلا أن يتابع ما ينشر عبر الـ"تويتر"، فحديثك قد ينشر حتى قبل أن تتمه، ويقرأه الناس قبل أن تقوم من مجلسك، ويزاد عليه وينقص كيفما أراد ناقله، وحسب الغرض الذي يريده من النشر، فالحذر الحذر، فـ"المجالس أمانات" مبدأ مات منذ عدة سنوات، ولم يبق للناس إلا "لسانك حصانك"... و"إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب". *** نقل الكلام كما قيل دون استئذان من قائله ورغم عدم أخلاقيته، وما قد يسببه من مشاكل وخلافات، وقيل وقال، ليس أخطر ما في الموضوع، فالأخطر من ذلك هو التقول، والكذب، والاستنتاجات الخاطئة أو المغرضة والتي تنشر عبر وسائل النقل الحديثة على أنها مسلمات، وأخبار موثقة مؤكدة تنتشر بين الناس كما تنتشر النار في الهشيم، ويصعب عندها معالجة آثارها وملاحقة المتسبب فيها بعد أن كثر ناقلوها ومرددوها وتوزع دم القتيل بين سيوف القبائل. المسألة أخلاقية في المقام الأول، وإن لم يردعها الخوف من الله، والخلق المتأصل في النفوس فلن يستطيع القانون أن يردعها، لذلك علينا الحذر في القول أولاً ثم الحذر في النقل ثانياً، فليس كل ما يقال ينشر، وليس كل ما يصل إلينا من أخبار حقائق، و"كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع". "ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا..."، فالله الله في ذمم المسلمين فإنها عليكم حرام. وموسم الانتخابات ليس استثناء يجوز فيه الحرام وتحل فيه أعراض المسلمين، وتفتح فيه أبواب الفتنة على مصراعيها تدعو كل جاهل إلى ولوجها. فقاعة عبدالله السالم مكان شريف، والطريق إليه يجب أن يكون شريفاً نقياً من كل القاذورات السياسية والأساليب الدنيئة، والغاية لا تبرر الوسيلة ولا ينبغي لها ذلك.
أخر كلام
كلمة راس: المجالس أمانات!!
19-12-2011