أشواكنا القاتلة...

Ad

سواد قلوبنا...

الرمال المتحركة داخلنا والتي توشك أن تلتهمنا بعد أن تلتهم الآخرين...

عدائيتنا...

أيادينا الملوثة بدم مشاعر الآخرين...

ضحكاتنا الاستفزازية...

كل هذه السلوكيات والمشاعر المسمومة قطاف شجرة واحدة تسمى:

«حب التملك»!

هذه الشجرة الشيطانية مسمومة، وكل ثمرها مُرّ ملعون.

ومن غرائب هذه الشجرة أنها تنمو بالإهمال وليس بالعناية!

كما أن أوراقها ليست خضراء، وإنما شديدة السواد، يغطيها الشوك، كما يغطي كل جزء من الشجرة، من الجذور إلى الجذع إلى الأغصان!

وهي لا تشبه أي شجرة أخرى في عملية التمثيل الضوئي، فالأكسجين لا يخرج منها أبدا، وإنما الكربون فقط، ولا شيء غيره في كل الأحوال!

هذه الشجرة نهملها فتنمو داخلنا سريعا وتتشابك أغصانها وتصبح سورا حصينا يلتف حول قلوبنا وأرواحنا ولا نعود نرى شيئا في الحياة إلا من خلف أوراقها وأعوادها.

وحين تستوطننا تجنّدنا لخدمتها جزاء إهمالنا لها، وتستعبدنا، وتسخرنا لإطالة أغصانها، وزيادة كثافة أوراقها.

معرفة هذه الشجرة حق المعرفة، يجعلنا نفكّر في إعادة مفاهيمنا، بل وإعادة النظر في الأسباب الحقيقية لمآسينا الإنسانية، فأول جريمة قام بها رجل في التاريخ لم يكن سببها المرأة كما يدّعي البعض، وإنما بسبب هذه الشجرة الملعونة!

وكل الحروب التي حدثت في الدنيا وما زالت تحدث...

والجرائم البشعة...

والطمع الظالم...

والجشع الرهيب...

والظلم الجهور... والظلم المستتر

ونوايانا المفخخة بالكُره...

ومؤامراتنا الدنيئة...

والخسّة في أعمالنا...

والحسد... والغيرة...

و... و... و...

كل ذلك لو وعينا لأدركنا أنه من ثمار تلك الشجرة التي أهملناها لتكبر مع الأيام وتؤتينا أُكلها المسموم...!

غريزة حب الامتلاك... هي ما يجعلنا نفعل أيّ شي، ونستبيح أي شيء لإشباعها...

يرخص الدم، ويزيد عدد الثكالى، ونوسع أرض الحزن «لامتلاك» مساحة من الأرض مثلا...

لا نتوانى عن ظلم فادح، وافتراء فاضح بهدف «امتلاك» مزيد من المال،

ولا نتردد أبدا في قتل قلب الحبيب والتمثيل به أيضا، بهدف امتلاك جسَده!

نمارس كل سيئاتنا بتصالح غريب مع أنفسنا تحت ظل تلك الشجرة الشيطانية، فهي تقينا هجير ضمائرنا، وتفيء علينا أوراقها الكبيرة من صهَد الندم،

يبرر البعض ارتكاب جرائمنا الفظيعة بسبب الحاجة، وأقول هذا تزوير واضح، وكذب فاضح...

الحاجة تدفعنا إلى التفكير عمّا يسدها، وقلوبنا هي التي تختار الطريق، فإذا كانت قلوبنا قد أكلت من ثمر تلك الشجرة الملعونة، واستظلت بظلالها فهي لن تفرّق بين الخيط الأبيض والأسود لسد تلك الحاجة، أما إذا كانت قلوبنا نقية من زاد تلك الشجرة ومائها، فلن ترضى أن تظلِم أو تُظلم.

هذه الشجرة لا تجعلنا نفرّق بين أحبابنا وأعدائنا فهم تحت ظلها سواء،

حتى الحب... لم يسلم من داء تلك الشجرة.

فكم من مدعٍ حبّا ظلم من يحب بسبب حب التملك

وكم من أزواج مارسوا الافترا بعضهم ضد بعض،

وكم من أخوة، وأصدقاء، وأقرباء...

المساواة في الظلم ليس عدلا، وإنما ظلم أعمى!

هذه الشجرة تصادر أعين وعينا، وقلوب هدايتنا.

وهذه الشجرة أخيرا... أساس إنسانيتنا البشعة، من أراد أن يصبح نبيّا... فليقتلعها من جذورها في روحه!