تقتلنا الكراهية ويقتلهن الحب!
الرجال يهربون من فخ الكراهية لكي يبقوا أحياء، بينما تهرب النساء من شرَك الحب ليبقين كذلك. الرجال يتجنبون الكراهية بممارسة حيل كثيرة ربما الحب أكثرها شيوعا لديهم وأحبها لهم، بينما تهرب النساء من الحب بممارسة خدع جمّة قد تكون الكراهية أمتعها لديهن وأكثرها سهولة على الإتقان!
الرجال يعتبرون الكراهية نهاية المطاف، بينما تعتبر النساء الكراهية بدايته! الحب بالنسبة للرجال جنة إلا أنها قد تكون عابرة، بينما الحب بالنسبة للنساء جحيم أبديّ. يستطيع الرجال أن يحبّوا آلاف المرات دون أن يُنقص ذلك من أرواحهم قطرة ندى، بينما تستطيع النساء أن يكرهن في اليوم الواحد آلاف المرات دون أن يفسد شيئاً من زينتهنّ. الرجال يكرهون مرة واحدة في العمر، بينما النساء يحببن مرة واحدة في العمر! المرء ليس عدو ما يجهل فقط، وإنما كذلك هو عدو لما يعريّه. الكراهية تعرّي الرجال، تُظهر معدنهم الحقيقي، تكشف عوراتهم، وتفضح سوءاتهم، تنزع ورق التوت عن ضعفهم، وعن حصونهم المتهالكة، وبروجهم المنذورة للسقوط، ودموعهم المرهونة عند إحدى أكثر الساحرات شرا، وأنينهم المدفون في قاع قلوبهم تحرسه الأفاعي ذوات الرؤوس المتعددة والمؤتمرة بأمر الغول الجبار. الكراهية إذا استوطنت قلب رجل جعلت من الغول ورقة سريعة الاشتعال، والأفاعي من قشّ لا يهشّ ولا ينشّ، فينكشف على الملأ ضعفه. لذا يتجنّب الرجال الكراهية ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا عن طريق الحب! أما النساء فيعرّيهن الحب. ألم يقل مجنون القصيدة قاسم حداد ذات هذيان قدسيّ عن الحب إنه: «زجاج يفضح الروح»؟! ربما أن الحقيقة المسكوت عنها هي أن النساء يسهل عليهن تعرية أجسادهن مهما صعب ذلك، على أن يعرين أرواحهن! النساء يقاومن وربما يكرهن الرجال الذين يبدو لهن أنهم قادرون على قراءة كتابهن السري وفك رموزه السحرية. هن يؤمنّ أن سر جاذبيتهن وفتنتهن الذي يأسرن فيه الرجال كخطة لتعديل ميزان القوى يكمن في غموضهن، لذا أكثر ما يخيفهن هو قدرة الرجل على التسلل غفلة إلى أعماق إحداهن حاملا مصباح «ديوجين» لنزع ذلك الغموض. الحب بالنسبة إلى النساء حصان طروادة الذي سيستولي الرجال على حصنهن من خلاله، لذا يتجنّبن الحب ما استطاعن إلى ذلك سبيلا. قلب الرجل ليس إلا حصنا من حصونه المتعددة، بينما قلب المرأة هو حصنها الأخير، إذا سقط وقعت في الأسر مدى العمر. الحب يزيد النساء ضعفا على ضعفهن. هن يدركن أنّهن الأضعف إن بحكم الطبيعة أو بحكم السلطة التاريخية للرجال، والحب يسلب ما تبقى لهن من قوة ضئيلة، لذا يحاربن من أجل الاحتفاظ بما تبقى لهن عن طريق الكراهية! إذن قصص الحب المتعددة التي يعيشها الرجال ليست كما يظن النساء قلة وفاء وإخلاص في طبع الرجال وإنما وسيلة لقتل الكراهية حتى لا تقتلهم. والكراهية القاسية والصريحة في النساء ليست بغضا متأصلا فيهن للرجال، وإنما وسيلة للإفلات من قبضة الحب للنجاة بأرواحهن. «الرجال تقتلهم الكراهية، والنساء يقتلهن الحب» هذا ما قاله معلّم الحب الأكبر «أوفيد» منذ مئات السنين.