أول العمود:

Ad

أكثر "يوتيوب" ظرافة كان لشبان مصريين يقولون فيه إن الرسالة الشعبية التي وصلت إلى حسني مبارك حرفت من شعار "إيه الحل يا ريس" إلى شعار "ارحل".

***

تضافرت عدة قوى وعوامل سياسية داخلية وخارجية على فرض تغييرات جذرية على الأوضاع المحلية الكويتية، ولابد من التذكير بها لكي نقلل من تأثير النفس المحبط لقوى الإصلاح.

بعد استئناف عمل البرلمان عام 1992 إثر الوقفة الشعبية في مؤتمر جدة حدث الصراع مع قوى الفساد، ونتج عنه صدور قانوني استقلال القضاء ومحاكمة الوزراء، وتعرض كل من النائبين السابقين حمد الجوعان وعبدالله النيباري لمحاولة اغتيال دنيئة لا تزال ترسم آثارا على جسديهما.

وتتالت الإصلاحات النيابية والحكومية، ففي ديسمبر 1995 انضمت الكويت إلى الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وفي فبراير 1996 انضمت إلى العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وألغى مجلس الأمة محكمة أمن الدولة وأحال بالتبعية جميع القضايا إلى محكمة الجنايات، وجاء عام 1999 ليصدر مرسوم تجنيس ما لا يقل عن 2000 من فئة البدون، وحدث في عام 2003 إجراء غير مسبوق في الحياة السياسية، حيث فصلت ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء، وإن جاء لظروف خاصة بصحة المغفور له بإذن الله الشيخ سعد العبدالله، لكن لا يمكن إغفال أن ما حدث اليوم من تغيير رئيس الوزراء بآخر يعد نتيجة لعملية الفصل تلك، ولأول مرة يكون في الكويت رئيس مجلس وزراء سابق!

وتتطور الأحداث في عام 2005 لتحصل المرأة على الحق السياسي وتدخل البرلمان لاحقا من دون نظام الحصص كما حدث في الكثير من البرلمانات العريقة.

وفي 8 ديسمبر 2009 كان الحدث الملفت، أن يقف رئيس الوزراء على منصة الاستجواب حتى وصلنا إلى المحطة الأخيرة في 28 نوفمبر 2011 حينما قبلت استقالة ناصر المحمد ليتم تعيين جابر المبارك خلفا له لرئاسة مجلس الوزراء.

هدفي من هذا السرد الذي أغفلت فيه كثيراً من التطورات لظروف كتابة المقال أن أوصل رسالة إلى الناخب الكويتي، وهي أن الوعي والحراك المدروس والرقابة على أداء النواب ومحاسبتهم يأتي دوما بنواب يثمنون أهمية العمل التشريعي والرقابي على أداء الحكومة، وهذه التطورات المهمة لم تكن لتظهر لولا تضافر جهود المجلس والحاكم والحكومة في أوقات وظروف محددة تفاعل فيها الجهد المحلي والظرف الخارجي والإقليمي لنقطف منها تلك النتائج.

رئيس الوزراء الحالي مهمته سهلة أو صعبة إن أراد اختيار الطريق المؤدي إلى كليهما، والشارع اليوم لن يرحم ولن يغفر للفساد والتسيب، وأعتقد بعد الذي حدث في الشارع الكويتي أن عهد " السلطة المحصنة" قد ولى إلى غير رجعة، ومثلما حدث ما حدث في السنوات العشرين الماضية وذكرنا بعض الأمثلة حولها، فإن مآل الأمور إلى تطورات أكثر نضجا، ومن يدري، فربما يحدث ما هو أكثر جرأة وإقداما: أحزاب سياسية، رئيس وزراء من الشعب، تقليد وزارات السيادة لأبناء الشعب؟!

كل التوقعات مفتوحة لأن تيار التغيير في العالم جارف، والأهم في كل الأحداث مستوى الوعي.