25 مليون... بلطشة واحدة

نشر في 23-08-2011
آخر تحديث 23-08-2011 | 22:01
No Image Caption
 حمد نايف العنزي  بما أن الصحيفة لم تذكر اسمي هذين النائبين، فإن القيل والقال قد طال في الأيام الماضية سمعة بعض النواب ظلما، ولذلك، نتمنى أن يكشف محافظ البنك المركزي سر هذه الإيداعات المليونية المشبوهة في أسرع وقت، وأن يستخدم صلاحياته بإحالة كل أطرافها إلى القضاء دون مجاملة أو خضوع لأي ضغوط، وعلى نواب المجلس الشرفاء الاستعجال في إنشاء لجنة للقيم البرلمانية.

كنت دائما أطالب من يتهم النواب بالاستنفاع والاسترزاق من وجودهم بالمجلس بأن يأتيني بدليل على صحة اتهامه، وكان الرد دائما بأن الأمر واضح لا يحتاج إلى دليل، فأثر النعمة «المحدثة» في كثير من النواب لا يتناسب مع مدخولهم الشهري، فمن أين هبط عليهم هذا العز الفجائي «سيارات، فلل، مزارع، شركات، شاليهات» والراتب لا يتجاوز بضعة آلاف يذهب جزء كبير منها كمجاملات اجتماعية يفرضها الوجود كنائب في مجلس الأمة، يعني لنكن منطقيين قليلا و»بلاش أدلة»، فالمسألة أوضح من عين الشمس لمن كان له بصر وبصيرة؟!

ورغم اقتناعي بصحة ما يقال، فإنني كنت من باب الرغبة في التيقن وعدم الظلم أرد بالقول دائما «هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»، فليس من السهل عليّ اتهام إنسان في ذمته لمجرد الظن والشك، فما أدراني بوضعه المادي قبل وصوله إلى المجلس؟ وما أدراني بأن ما يقال عنه بأنه كان «حافي ومنتف» قبل المجلس صحيح؟ وما أدرى القوم برصيده البنكي والأرصدة البنكية خاضعة للسرية بين البنك والعميل، ولا أحد يعلم ما يملك الآخر ما لم يصرح بذلك؟ لا يا سادة، كل إنسان عندي شريف ونزيه حتى يثبت العكس بالدليل والبرهان، وإن كان في نظر الجميع شيخ اللصوص و«ملك الجمبازية»! وكنت على نياتي، لم يخطر على بالي أبدا أن نائبا- مهما بلغت فائدته للحكومة- أن يستنفع منها بمليون دينار أو يقترب من ذلك، حتى نشرت الزميلة «القبس» على صدر صفحتها الأولى يوم السبت الفائت خبرا كالقنبلة حول تضخم أرصدة نائبين من أعضاء مجلس الأمة بشكل كبير خلال أيام معدودة، الأول 17 مليون دينار والثاني 7 ملايين فقط لا غير! ومع أن الصحيفة لم تذكر أسماء النائبين «الفاضلين» إلا أن أصابع الاتهام وجهت إلى النواب الحكوميين وبشكل خاص أولئك الذين كانت مواقفهم «متقلبة» خلال الفترة الأخيرة، حيث تحول كثير منهم إلى لعبة في يد الحكومة يأتمرون بأمرها ولا يحضرون الجلسات بعد أخذ موافقتها والأذن منها!

إذن، فهذه المرة غير كل مرة، والأمر ليس مجرد ادعاء ليس له سند، فالحكاية أرقام وأسماء وأرصدة تنتفخ بين ليلة وضحاها، وملايين «متلتلة» من أموال الشعب أهدرت ووزعت في الأشهر الأخيرة لشراء الولاءات والمواقف السياسية لهذا الطرف أو ذاك من المتنازعين على السيادة الحكومية في معارك الإخوة الأعداء التي شهدنا فصولها، وأسدل الستار عليها بشكل درامي حزين لطرف وسعيد لطرف آخر، ومن يدري، فربما كانت ملايين النائبين أهم أسلحة المعركة والسبب الرئيس في تحقيق ذلك الانتصار «الرائع»!

إذن، فنواب الشعب، يسرقون أموال الشعب، أموال أبنائه وأحفاده، مسكين يا وليد الطبطبائي، غضبنا حين طالبت بزيادة رواتب النواب، لم نحسب أن اثنين منهم «بلطشة واحدة» سيكلفان الدولة مبلغ الزيادة المطلوبة ولعشر سنوات قادمة أو أكثر!

ما علينا، الآن، بما أن الصحيفة لم تذكر اسمي هذين النائبين، فإن القيل والقال قد طال في الأيام الماضية سمعة بعض النواب ظلما، ولذلك، نتمنى أن يكشف محافظ البنك المركزي سر هذه الإيداعات المليونية المشبوهة في أسرع وقت، وأن يستخدم صلاحياته بإحالة كل أطرافها إلى القضاء دون مجاملة أو خضوع لأي ضغوط، وعلى نواب المجلس الشرفاء الاستعجال في إنشاء لجنة للقيم البرلمانية تنظر وتحقق في مثل هذه القضايا وتتعامل معها بشفافية ووضوح، وعلى الحكومة التي رفضت أهم بند في قانون النزاهة وهو بند الذمة المالية، أن تقره الآن كبند رئيس، هذا إن أرادت أن تبرئ ساحتها من الشبهات وتنفي أي علاقة لها بالأمطار المليونية التي هطلت على رؤوس بعض النواب... في عز الصيف!

back to top