الفرد والمجتمع

نشر في 24-02-2012
آخر تحديث 24-02-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. محمد لطفـي ما العلاقة بين الفرد والمجتمع؟ كيف تكون؟ وما سرها؟ وإذا كان تعريف الفرد معروفاً فما المجتمع؟ هل هو الأسرة الصغيرة أو الكبيرة؟ أم هو البلد الذي ولدت ونشأت فيه؟ أم بصورة أشمل وأعم هو المجتمع الإنساني بوجه عام؟

ببساطة يمكن تعريف المجتمع أنه مجموعة من الأفراد يعيشون في مكان واحد وزمان واحد تجمع بينهم سمات مشتركة، وقد تتشابه هذه السمات لدرجة كبيرة كمجتمع الإخوة والأسرة والأصدقاء، وقد تختلف بعض الشيء كمجتمع البلد الواحد لاختلاف الديانات والثقافة والنشأة... إلخ.

وقد لا تتفق سوى في شيء واحد كالصفة الإنسانية التي تجمع بين رجل الشمال الأميركي والجنوب الإفريقي، وبين رجل الشرق الياباني والغرب البرازيلي، ولو استثنينا الطرفين (الأسرة- العالم)، واعتبرنا المجتمع هو البلد الذي تعيش وتنشأ فيه فما العلاقة التي تربط بين الفرد ومجتمعه؟

أعتقد أن الفرد يرى في المجتمع الحلم الذي يتمنى تحقيقه، والمجتمع يرى الفرد عنصرا من عناصر تحقيق هذا الحلم، فإذا فشل المجتمع في تحقيق حلم الفرد يرفض الفرد المجتمع، ويتأرجح هذا الرفض بين السلبية والانعزال عنه أو العدوانية تجاهه– كالبلطجة والإرهاب مثلا- مرورا بكل صور الرفض المختلفة وما تمثله من أمراض اجتماعية كالرشوة والفساد و»الواسطة» والمحسوبية، فكل ذلك من صور رفض الفرد لمجتمعه الذي لم يحقق حلمه.

وعلى الجانب الآخر إذا لم يستطع الفرد أن يكون عنصرا فاعلا ومؤثرا في مجتمعه، وفي تحقيق رؤية المجتمع له، وما يحتاجه ويطلبه منه، فإن المجتمع برفضه أيضا، ويصبح الفرد فاشلا عديم القيمة، ويصاب بالأمراض النفسية كالقلق والتوتر والاكتئاب... إلخ.

أي أنه في رفض الفرد للمجتمع تكون الأمراض الاجتماعية (السلبية، الفساد... الإرهاب)، وفي رفض المجتمع للفرد تكون الأمراض النفسية (التوتر- الاكتئاب...)، وفي الحالين يكون المجتمع أيضا مريضاً مفككاً لا ينمو ولا يتقدم ويظل متخلفا.

ولكي تستقيم الأمور ويصح الفرد والمجتمع وتختفي الأمراض النفسية والاجتماعية، ويتقدم المجتمع فإن على الفرد أولا- وقبل أن يطالب المجتمع بتحقيق حلمه– أن يكون عنصرا فعالا ومؤثرا في تحقيق هذا الحلم.

***

تختلف الرؤية الأدبية حول علاقة الفرد بمجتمعه وتركز على دور الفرد ومسؤوليته:

لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أحلام الرجال تضيق

ويقول الإمام الشافعي:

نعيب زماننـــــا والعيب فينــا وما لزماننا عيب سوانا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا

ويقول الكاتب الراحل يوسف إدريس «الانتماء وحده لا يكفي... لابد أن يشعر الإنسان أنه يصنع شيئا من أجل هذا الانتماء». بينما يرى الراحل العظيم إيليا أبو ماضي أن صورة المجتمع عند الفرد هي انعكاس لرؤيته لذاته «كن جميلا ترى الوجود جميلا».

وللمثل الشعبي دوره في التعبير عن هذه العلاقة، ونكتفي بذكر بعضها دون شرح لضيق المساحة:

* «اللي يدوس غيره تدوسه الناس واللي يحب نفسه يكرهوه الناس»

* «احلق بالفاس ولا تحتاج للناس»

* «عاشر الغني يغنيك وعاشر الجربان يعديك».

* «اللي متعرفش ترقص تقول الأرض عوجه»

* «على قد ما تحط بالطنجرة تتطلع بالمغرفة»

* «إذا بدك تستريح من وين ما رحت قول منيح»

back to top