صفاء الأبيض يعكس دوماً قتامة الأسود، وفي أحيان كثيرة تجد أمثلة في الحياة تناقضها يعكس قبحها أو جمالها، لكن التناقض الفكري والأخلاقي هو "الأبشع".

Ad

مجتمعنا يعج بأمثلة لا تنتهي، فهذا الشخص الذي يطالب بالمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع فئات المجتمع تجده في مواقف أخرى يتحيز لفئة دون أخرى ولأسباب عنصرية، تلك مصيبة كبرى!

وذلك الشخص الذي يتفاخر بانفتاحه وأفكاره الليبرالية، ويتصيد ضحاياه من الجنس اللطيف بواسطة فكره المتحرر، في حين يمارس التزمّت ويخنق أهله بعادات وتقاليد المجتمع التي يذمها علناً ويمارسها في منزله، هذا ليس سوى تناقض فاضح!

وتلك التي تنادي بتعاليم الإسلام وتحرص على إرسال رسائل الجمعة، وتحرص على نيل بركة إرسال الدعاء، وتتكلم عن عذاب القبر ليل نهار، وفي السر لا تقوم حتى بالعبادات والفرائض، ولا تكف عن أذى الناس، دينها تعلنه لغيرها وهي لا تطبقه مع نفسها، فهذه ليست سوى منافقة!

أولئك الذين يصرون على عدم وضع أموالهم في بنوك ربوية، ويحرصون على ذكر ذلك في كل تجمع، مكفرين من يضع أمواله في بنوك ربوية، وهم أكبر زبائن لصالات القمار في الخارج، ليسوا سوى نصابين نعيش معهم كل يوم.

وتلك التي انضمت إلى جماعة دينية لتشعر بالعزوة باسم الدين، في حين أنها لا تنتمي إليهم لكنها تحتاجهم للانتفاع من وظائف ومصالح ومعاملات، ليست سوى متسلقة باسم الجماعة.

وهذا الذي أطلق لحيته وقصّر ثوبه وتفاخر بمذهبه وحزبه، وهو لا يعرف من الدين سوى القشور، يستغل مظهره للوصول إلى منصب كبير في حين يمارس الرذيلة والزنى وكل المحرمات، ولكن خارج حدود الوطن.

كل تلك الأمثلة من البشر بل هناك أكثر، نعيش معهم كل يوم، يحاولون جاهدين أن يقمعوا حريتنا، ويخرسوا أصواتنا.

من كنا نظنهم رموزاً للعدالة ومنادين بالإنسانية (ليس الكل... لكن فئة منهم)، صدمونا بتناقضهم، وتحيزهم لمصالحهم الشخصية على حساب وطنهم.

إن عشت منافقاً وكاذباً ومتلوناً فقد تصل إلى أهدافك الدنيوية، لكن لا تدّعي الفضيلة وأنت لا تملك منها ذرة، ولا تمارس أمراضك النفسية علينا إن وصلت إلى منصب مهم بطرقك الملتوية.

احترم نفسك ولا تدمرها بالتناقض والنفاق والتلون، لأن اللحظة التي بعت فيها نفسك، بعت فيها وطنك وقبل ذلك بعت من كان يؤمن بك ويعتبرك بطلاً!

قفلة:

ومن أقوال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عن النفاق: "إيّاك والنّفاق، فإن ذا الوجهين لا يكون وجيها عند اللّه".