منذ انطلاق الثورة الشعبية السورية ضد نظام الاستبداد والحكم الأبدي لآل الأسد في مارس – آذار الماضي، ونحن نسخر ونضحك على عقلية الجهاز الأمني السوري وأذرعته السياسية والإعلامية التي تتصدى لهذه الثورة بعبارات خشبية وقصص وهمية عن المندسين والعصابات المسلحة، وقصص على شاكلة حكايات الجدات الخيالية للأطفال قبل النوم التي يصف بها النظام أحداث الحراك الوطني السوري، ورغم يقينه بعدم جدوى ما تبثه أجهزته الأمنية والإعلامية فإن ذلك الجهاز الأمني الوحشي لا يتراجع عن غيه وطبائع "اكذب... اكذب حتى تصدق نفسك"، وليبرروا لأنفسهم أيضاً جرائمهم الوحشية التي يرتكبونها ضد شعبهم.
السخرية والضحك على الخطاب المتهالك للنظام السوري و"فذلكاته" لم تعد كذلك، لأن السخرية لا تجوز على وقع هدر الدماء والتنكيل بشعب أعزل ونساء وأطفال بلا حول ولا قوة، والضحك على قنواتهم الفضائية وصحفهم وخاصة اللبنانية منها لم يعد له مكان مع مجرمين يرسلون الرسائل الأمنية والسياسية بدماء الأبرياء، النظام الأمني الغبي هناك أراد أن يرسل رسالة مستعجلة عشية وصول مراقبي جامعة الدول العربية إلى الشام، ففجر في حي سكني نماذج من السيارات المفخخة التي كان يرسلها منذ فترة زمنية بسيطة الى جيرانه العرب، خاصة أن هناك عشرات الاعترافات الموثقة من الانتحاريين من تنظيم "القاعدة" في العراق تثبت تدريبهم في سورية ودخولهم منها إلى الأراضي العراقية.نظام البعث السوري وبقية تراث فكر ونهج الفكر الاستخباراتي السوفياتي والألماني الشرقي والروماني الدموي ما زالت تلعب بعقل بعض الممسكين بخيوط الحل الأمني في مواجهة إرادة الثورة والتغيير الشعبية السورية، وهم أغبياء يعتقدون أنهم سيفوزون بتلك الأفعال في مواجهة ربحتها كل الشعوب التي ثارت على الاستبداد والطغيان.إن تزامن تفجيرات دمشق التي عرف النظام أن تنظيم القاعدة من قام بها خلال نصف ساعة!... مع الأزمة السياسية العراقية وتفجيرات بغداد العنيفة تبين وجود ترابط ما بين القائمين على الملفين السوري والعراقي، والرسائل السياسية التي تراد أن تنقل بواسطة دماء الأبرياء في العراق وسورية، فمن يمسك بالملف العراقي في طهران يريد أن يقول إن سقوط نظام الأسد في سورية سيعني نهاية المشاركة السنية في حكم العراق، ومفخخات دمشق تقول توازيا للمراقبين العرب إنكم ستكونون سجناء الفنادق والمقرات التي سنخصصها لكم، وإلا فستصبحون فريسة للعنف، والغرق في تفاصيل تضاريس سورية العنيفة كما أشار وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمره الصحافي الأخير الى أن على أعضاء وفد الجامعة العربية أن يتعلموا العوم حتى لا يغرقوا في التفاصيل السورية!الوضع في سورية لا ينبئ بأن النظام يريد مخرجاً سلمياً، وتطبيق إصلاحات قد تكون محصلتها أن يحاسب بعد أن أوغل في دماء وأعراض ومقدرات شعبه، وأن كل ما يريده ذلك النظام هو أن يشتري كلما انتهت مهلة مهلاً جديدة، كلاعب القمار الذي لا يستطيع مغادرة طاولة اللعب مهما تعاظمت خسائره ولا يريد أن يعي واقعه، وللأسف فإن الجامعة العربية تساعد النظام السوري على شراء مهل جديدة له يريدها، على أمل أن يخمد تلك الثورة ويصفيها ويظل على سدة الحكم الى ما لا نهاية، رغم أن تلك المهل ثمنها أرواح ودماء الشعب السوري العظيم، ولذلك يجب أن تكون الدول العربية حاضرة خلال الأيام القليلة المقبلة للتحرك السريع فور أن يحاول النظام إغراق وفد الجامعة في التفاصيل، والتلكؤ في تنفيذ المبادرة بإحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي مصحوباً برسالة تحذيرية لموسكو وبكين من مغبة ردة الفعل للشعوب العربية على حماية النظام السوري وعدم وقفه بكل السبل المتاحة، ومحاسبته على المجازر التي يقوم بها بحق شعبه، ودون ذلك فإن الجامعة العربية ستكون غطاء لما يرتكب بحق الشعب السوري من جرائم شنيعة.
أخر كلام
... رسائل سياسية بدماء سورية وعراقية
25-12-2011