في كل دول العالم بلا استثناء، الحكومات هي المهيمنة على شؤون الدولة ومصالحها، وهي التي تقودها وتحدد أولوياتها إلا في الكويت، فنحن الوحيدون الذين يقودنا البرلمان ويحدد أولوياتنا. هذا الوضع المقلوب حدث لأسباب كثيرة أكثرها معلوم لدى الشارع ويحفظه الناس عن ظهر قلب ومازالت ملفاته مفتوحة ومتاحة، وما خفي منها ستكشفه لجان التحقيق التي ينوي مجلس الأمة تشكيلها في جلسته المقبلة.

Ad

هل هذا الوضع إيجابي أم سلبي؟ سؤال قد يتبادر إلى الذهن بعد قراءة المقدمة السابقة، لكن السؤال الذي يجب أن يسبقه هو هل هذا الوضع دستوري أم غير دستوري؟ فوضع الأولويات يدخل ضمن برنامج الحكومة الذي ستقدمه إلى المجلس وستتم مراقبتها ومحاسبتها على إنجازه، والدستور الكويتي نصّ على حتمية تعاون السلطتين مع عدم جواز تنازل إحداهما عن صلاحياتها للأخرى، فإذا كانت الحكومة هي التي تهيمن على شؤون الدولة وقيادتها، وهي التي تضع الخطة العامة للدولة، فكيف تتنازل عن وضع الأولويات؟.

نعم فرحنا بوجود أغلبية راشدة في المجلس، وقد رأينا مبشرات على حسن إدارتها للعمل داخل قاعة عبدالله السالم، لكن الحكم النهائي عليها يحتاج إلى بعض الوقت، المهم أن تعمل هذه الأغلبية في إطار الدستور والقانون، وأن تضبط كل أعمالها وتحركاتها وفق ذلك، وأن تدفع الحكومة نحو ذلك أيضاً، وأن تلزمها بما ألزمها به الدستور، وألا يغريها العدد المتوافر لها على الخروج عن النظام وتغلب القوة على الانضباط.

نعم هناك محاولات، من بعض الأطراف، مرصودة ومكشوفة الغرض لاستفزاز الأغلبية، وجرها إلى مهاترات ومعارك جانبية لا هدف لها إلا إثارة الفوضى وتعطيل الإنجاز، والسعي إلى التأزيم، وإثارة الفتنة، والدفع إلى حل المجلس لتعويض خسائرها الكبيرة في الانتخابات الماضية، ولعل العلاج الناجع لمثل هذه التحركات اليائسة هو إهمالها، وإهمال أصحابها، والسير نحو العمل البرلماني الجاد المنضبط بالدستور واللائحة.

***

السير في شوارع الكويت وطرقها الرئيسية عذاب وقهر، ومراجعة الدوائر الحكومية لإنجاز معاملة إهانة واحتقار، ومواعيد العلاج في بعض المستشفيات الحكومية حكم بالإعدام فمتى تتغير الصورة؟ هذا هو الإنجاز الذي ينتظره المواطن من الحكومة الجديدة فمتى يتحقق؟