بإعلان قيام "كتلة المقاطعة" إثر اجتماع أعضائها بعد انسحابهم من المشاركة في لجان البرلمان الأسبوع الماضي، بدا واضحا أن قوى المعارضة الجديدة لا تزال ضائعة حتى الآن.

Ad

فبعد تأسيسها، كان لافتا أن أول خطوة اتخذتها كتلة المقاطعة تأجيل تقديم استجواب الإيداعات المليونية إلى ما بعد مقابلة سمو الأمير، لنقل ملاحظات أعضاء كتلة المقاطعة على أداء الحكومة ورئيسها، وهو ما يعد التفافا على الدستور، واستمرارا لتكريس ذات النهج بترسيخ قواعد جديدة للتعاطي السياسي بعيدة عن قواعد اللعبة الأساسية.

دستوريا، يحق لنواب مجلس الأمة التعليق على أعمال الحكومة وفقا للمادة 104 من الدستور المشيرة إلى أن "يفتتح الأمير دور الانعقاد السنوي لمجلس الأمة ويلقى فيه خطابا أميريا يتضمن بيان أحوال البلاد وأهم الشؤون العامة التي جرت خلال العام المنقضي، وما تعتزم الحكومة إجراءه من مشروعات وإصلاحات خلال العام الجديد، وللأمير أن ينيب عنه في الافتتاح أو في إلقاء الخطاب الأميري رئيس مجلس الوزراء". والمادة التي تليها الموجبة بأن "يختار مجلس الأمة لجنة من بين أعضائه لإعداد مشروع الجواب على الخطاب الأميري، متضمنا ملاحظات المجلس وأمانيه، وبعد إقراره من المجلس يرفع إلى الأمير"، وبالمناسبة فإن لجنة مشروع الجواب على الخطاب الأميري هي اللجنة الوحيدة التي اشترط الدستور وجودها داخل المجلس؛ محددا مسماها ومهامها مقارنة ببقية اللجان الدائمة التي تحددها اللائحة الداخلية.

وبالتالي، فإن عضو مجلس الأمة بإمكانه التعليق على مضامين الخطاب الأميري وانتقاد أعمال الحكومة دون الحاجة لتشكيل كتلة معارضة أو طلب موعد للقاء سمو الأمير، كون الملاحظات سترفع إلى سموه ليوجه الحكومة بالتعامل معها، وعليه، فإن جميع أعضاء كتلة المقاطعة باستطاعتهم القيام بذلك دون أي حاجة لتشكيل كتل ولجان خارج المجلس أو ابتكار آليات جديدة أو مواثيق لا تحمل أي قيمة دستورية.

إن إقحام سمو الأمير في أتون الخلاف السياسي من قبل المعارضة الجديدة غير مقبول بتاتا، إضافة إلى أن هذا السلوك سبق أن كان مثار سخط نواب عابوا على الحكومة ورئيسها "التدثر" بعباءة صاحب السمو أكثر من مرة للتمتع بمزيد من الحصانة والابتعاد عن المساءلة، كما لا يزال حبر مذكرة دفاع الوزير الشيخ أحمد الفهد أمام اللجنة التشريعية للرد على استجوابه من النائبين عادل الصرعاوي ومرزوق الغانم رطبا، حينما اعتبر فيها أن استجوابه مساسا بالذات الأميرية قبل خمسة أشهر، لكن ذلك لم يمنع معارضة "المعايير المزدوجة" من الإقدام على ما كانت ترفضه سابقا، فقط لأنها تريد القيام به الآن ويتماشى مع مصالحها.

سمو الأمير ناشد في أكثر من مرة النواب ضرورة إبقاء الخلاف بين السلطتين داخل المجلس، وانتصر للدستور في كل أزمة سياسية شهدتها البلاد، وتحدث بألم مرارا عن الممارسات غير المقبولة لبعضهم وإلقاء التهم دون أدلة، وتضمنت خطاباته التأكيد على أحقيته وحده تسمية رئيس الوزراء وحل المجلس وإقالة الحكومة، إلا أننا مع ذلك رأينا من يسمع ولا يطيع.

موعدنا يوم 15 نوفمبر الجاري، وهو موعد الجلسة الحسم، فإن استطاعت المعارضة الجديدة إحكام سيطرتها على الوضع السياسي وتمكنت من إسقاط الرئيس دستوريا بحصولها على الأغلبية المطلوبة تحت قاعة عبدالله السالم فأهلا وسهلا، أما عدا ذلك فهو عبث يستوجب أن يقف عند حده، لأن الكويت ونظامها الدستوري أهم من قوى المعارضة الجديدة ورموزها.

على الهامش:

عيدكم مبارك... قبل الزحمة.