منظور آخر: انتهاك الخصوصية

نشر في 02-09-2011
آخر تحديث 02-09-2011 | 00:01
No Image Caption
 أروى الوقيان يبدو أن الخصوصية في مجتمعاتنا معدومة، وكأن من حق الأشخاص أن ينتهكوها هكذا وبكل بساطة، والأغرب أنك حينما تتهرب من الإجابة عن أسئلتهم تجدهم يعيدونها بصيغ أخرى أو يفسرون عدم إجابتك عنها بأنك بالتأكيد قمت بعمل تخجل منه لذا فإنك تتهرب من الإجابة عنه.

كلنا نلاحظ أن معظم الناس في مجتمعاتنا العربية يسمحون لأنفسهم بالتدخل في خصوصياتنا، فلا يحترمون هذا الخط الفاصل بين الناس، والغريب أنه حتى الذين لا يعرفونك سوى معرفة سطحية يسمحون لأنفسهم بالتمادي في أسئلة شخصية جدا يوجهونها إليك.

يبدو أن الخصوصية في مجتمعاتنا معدومة، وكأن من حق الأشخاص أن ينتهكوها هكذا وبكل بساطة، والأغرب أنك حينما تتهرب من الإجابة عن أسئلتهم تجدهم يعيدونها بصيغ أخرى أو يفسرون عدم إجابتك عنها بأنك بالتأكيد قمت بعمل تخجل منه لذا فإنك تتهرب من الإجابة عنه.

على الرغم من كرهي للمناسبات الاجتماعية التي تحتوي على كثير من الزيف والمبالغة في المظاهر فإنني أضطر لحضور القليل منها أحيانا، أذكر أني سمعت سيدة في منتصف الخمسينيات تسأل شابة في منتصف العشرينيات كانت تدرّسها أيام المتوسط عما إذا كانت "حامل" أم لا، وتحلف لي البنت أنها لم تر هذه الإنسانة منذ ما يقارب العشر سنوات، واستنكرت سؤالها الشخصي جدا وإصرارها على معرفة الإجابة، مما تسبب في إحراجها لا سيما أمام أهل زوجها الذين كانوا موجودين وقت سؤالها المتكرر وإصرارها على معرفة الجواب!

ناهيك عن سؤال الناس الذين لا تكاد تعرفهم عن أسباب عدم زواجك إن لم تتزوج، وأسباب الطلاق إن كنت مطلقا، وأسباب اختيارك لعمل دون آخر، وتركك لعملك، وسبب عدم استلطافك لأحد أقاربك، وتصل فيهم الجرأة أخيرا بالسؤال كم معاشك؟ والسائل قد لا يعرفك بل يعرف شخصا يعرفك!

كل هذه الأسئلة تزعجنا، وكلنا نمتلك إجاباتها لكننا نختار من نحكي لهم عنها، وهناك من ندعوهم بالأصدقاء وهم من نسمح لهم بالسؤال عن خصوصيتنا على الرغم من أنهم يحترمون خصوصيتنا إن لم نتجاوب معهم.

ذلك الفضول الذي يسري في دم الآخرين، وزج أنوفهم فيما لا يعنيهم يحتاج أن يتوقف، لأن واحدة من أفضل خصال الأجانب هي احترامهم لخصوصيتك، وعدم التدخل فيها.

فبدلا من أن تتفننوا أيها المزعجون في أسئلتكم وكأن حياتنا هي قصتكم المثيرة، أتمنى لو تنشغلون أكثر في شؤونكم الداخلية والتي لا تعنينا بتاتا.

قفلة:

عندما تطلب من الآخرين أن يحترموك يجب أن تبدأ أنت باحترامهم، وعندما تريد أن تُعامَل بإنسانية فتعامل مع الأشياء والناس حولك بكثير منها، لا تأخذ دون أن تعطي ولا تتوقع أن يتم تقديم الاحترام والمحبة والعطاء وأنت لم تقم بتقديمها أولا.

back to top