لم يكتشف الإخوان المسلمون، والمقصود هنا تحديداً "إخوان" الأردن، أن النظام السوري فاقد لشرعيته إلا بعد أن وصلت الأمور في سورية إلى ما وصلت إليه، وبعد أن تنقلت المذابح في البلاد ولم تسلم منها لا "ضيعة" ولا مدينة ولا منطقة وآخر كل هذا مدينة جسر الشغور التي أصابها ما أصاب مدينة "حماة" في عام 1982 وأكثر قياساً بعدد السكان واستناداً إلى أن عالم ذلك الحين بمعادلاته واستقطاباته هو غير عالم اليوم.

Ad

بقي الإخوان المسلمون، "إخوان" الأردن، صامتين إلى أن أُخرج خالد مشعل وأخرجت قيادة "حماس" من دمشق حيث نُقل عن الرئيس السوري أنه قال إنه اكتشف أن هؤلاء إخوان مسلمون وأنه لم يعد لهم مكان في سورية، وكل هذا و"إخوانهم" السوريون مشردون في كل بقاع الدنيا ويعتبرون مادة محرمة في "القطر العربي السوري" ليس منذ مذبحة حماة في عام 1982 بل منذ تسلُّم حزب البعث السلطة في انقلاب عسكري في عام 1963.

ويعرف "إخوان" الأردن, الذين كانوا أنجزوا اتفاقية هدنة لم تُرفق بعفوٍ عام بين "إخوان" سورية, الذين كل قياداتهم تعيش في المنافي البعيدة وبين نظام الرئيس بشار الأسد، أن هناك قانوناً يحمل الرقم 49 كان قد صدر في عام 1980 جاء فيه نصّاً:

"القانون رقم 49 لعام 1980 المتعلق بالإخوان المسلمين.

رئيس الجمهورية

بناءً على أحكام الدستور وعلى ما أقرَّه مجلس الشعب المنعقد بتاريخ 24/8/1400 هجري الموافق لـ 7/7/1980 يُصدر ما يلي:

المادة 1 - يعتبر مجرماً ويعاقب بالإعدام كل منتسبٍ لجماعة الإخوان المسلمين.

المادة 2:

أ‌-يُعفى من العقوبة الواردة في هذا القانون أو أي قانون آخر كل منتسبٍ إلى هذه الجماعة إذا أعلن انسحابه منها خلال شهر واحد من تاريخ نفاذ هذا القانون.

ب‌- يتم إعلان الانسحاب بموجب تصريح خطيًّ يقدم شخصياً إلى المحافظ أو السفير لمن هم خارج القطر بتاريخ صدور هذا القانون.

المادة 3 - تخفّض عقوبة الجرائم الجنائية التي ارتكبها المنتسب إلى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين قبل نفاذ هذا القانون تحقيقاً لأهداف هذه الجماعة إذا سلَّم نفسه خلال شهر واحد من تاريخ نفاذ هذا القانون لمن هم داخل القطر وخلال شهرين لمن هم خارجه وفقاً لما يلي:

أ‌- إذا كان الفعل يوجب الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد كانت العقوبة الأشغال الشاقة خمس سنوات على الأكثر.

ب‌-إذا كان الفعل يؤلف إحدى الجنايات الأخرى وكانت العقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات.

المادة 4 - يُعفى من عقوبة الجرائم الجنحوية المرتكبة قبل نفاذ هذا القانون تحقيقاً لأهداف تنظيم جماعة الإخوان المسلمين كل منتسب إلى هذه الجماعة إذا سلَّم نفسه خلال شهر واحد من تاريخ نفاذ هذا القانون لمن هم داخل القطر وخلال شهرين لمن هم خارجه.

المادة 5 - لا يستفيد من التخفيض والعفو الواردين في هذا القانون الذين هم قيد التوقيف والمحاكمة.

المادة 6 - ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من تاريخ صدوره.

دمشق في 25/8/1400 هجري و8/7/1980م

رئيس الجمهورية.

حافظ الأسد".

***

إن هذا هو واقع الحال، لكن ومع ذلك فإن "إخوان" الأردن بقوا يحجون إلى دمشق, زرافات ووحداناً, خلال كل أعوام إقامة خالد مشعل ومكتبه السياسي في العاصمة السورية، وبقوا يتجاهلون أن إخوانهم, "إخوان" سورية, يعيشون أوضاعاً مأساوية, بعضهم في السجون وبعضهم مُتخفٍّ وبعضهم خارج البلاد, وبقوا يشاركون في كل أعراس وأفراح وأتراح نظام الرئيس حافظ الأسد وبعده نظام ولده بشار الأسد الذي لم يكتشف أن "حماس" إخوان مسلمون إلاّ بعد أن أخذت الانتفاضة التي بدأت في درعا تعم "القطر العربي السوري" كله.