فيلم آخر لجيل جديد موهوب من أجيال معهد السينما المصري، يثبت عطاء
متجددًا ومواهب لا تنضب في مجالات الفيلم السينمائي وعناصره كافة.ن خلال ز، يقتحم م زي عد عبد ال مي قصير للمخرج أح فيلم روائ «وم 41 ي» معالجته الدرامية، قضية الحياة والموت الكبرى، عبر عين طفل يكاد يطلّ منالنافذة على غرار تلك القضايا الحياتية والوجودية الكبرى.يحدّد الفيلم مكانه وزمانه بالكتابة على الشاشة (شبرا القاهرة - 1994)، وقدصاغ السيناريو عاطف ناشد بذكاء رؤية المخرج وأحاسيسه التي لا تخلو منقبسات سيرة ذاتية.تبدأ الأحداث بتلقّي الأبطال ومعارفهم العزاء في خالة الطفل، ولا نسمع في«الرحمن» شريط الصوت وسط الصمت المهيب سوى تسجيل لآيات من سورةبصوت أعظم المقرئين الشيخ محمد رفعت، الذي يجمع بين العذوبة والخشوعوالجمال والجلال، كما لم يجمع صوت آخر.«يويو» الخمس أو الست سنوات مع ذلك «لا يتجاوز الطفل يوسف» يدلّلونهتبدو تعابير وجهه وعينيه مندهشة لمدى التجهّم والحزن على وجوه النساءرأة لعلّها الأكثر من حوله، فيحاول أن يفهم وعندما يعجز يبتسم في وجه امتجهّماً، وأمام استغرابها يستمرئ هو اللعبة، فلا يكفّ عن تحريك ملامحه ونفخخديه على نحو يجعلها لا تملك سوى أن تضحك، فينظر إليها الجميع باستياء،وبقدر ما تشعر بالخجل من نفسها وبالغيظ من الطفل الذي أحرجها إلا أنهاتستوعب الدرس في مناسبة لاحقة.ينتقل بنا الفيلم إلى شقة الطفل، حيث يعيش مع والدته وشقيقته التي تطمحاولات لا تجدي لإقناع الأم، بسبب حى معهد الباليه، وتبذل م ول إل دخ ى ال إلنظرة المجتمع التي تغيّرت في السنوات الأخيرة تجاه الفنون وأضحى أي فنعلى أقلّ تقدير وإن راجعت الأم موقفها واستجابت «عيباً» أو «حراماً» أو رقصللابنة بصعوبة بعد حين.في هذه الشقة بالذات وبين هؤلاء الأبطال الثلاثة تدور أحداث الفيلم خلال40 يوماً من الحداد جرى العرف على إتمامها، قبل أن تتخلى النساء عن ارتداءالملابس السوداء، أو أن تشاهد الأسرة التلفزيون.لكن الطفل متعلّق بالتلفزيون خصوصاً مباريات كرة القدم التي يشاهدها،الذي أخفته » الريموت « فيحتال وأحياناً يبتزّ أخته لتساعده في الحصول علىالأم، وهو لا يفهم بعد لماذا 40 يوماً، وماذا لو شاهد التلفزيون قبل هذا اليوم،وما علاقة ذلك بموت خالته؟!ببراءة وبراعة في آن، لا يتوقّف الطفل عن المحاولة، في صبر ودأب، حتىدولاب العالي، فيكسر قدمه المخبأ فوق ال » الريموت « يسقط وهو يسعى إلىويجبر الطبيب على وضعها في الجبس.أخيرًا يأتي اليوم 41 ، الذي يتوافق مع عيد ميلاد الطفل، فيجد صباحاً الهدية،دراجة جميلة صغيرة لا يكفّ عن الدوران بها في الشقة، خصوصاً حول جهازالتلفزيون الذي في ما يبدو تجاوزه إلى لعبة أفضل، أو أن الجديد دائماً ينسيالشغف القديم، الذي قد يدعوه إلى الملل بعد حين. إنه الجهاز الذي دوّخه كثيرًاوالآن يتجاهله. هكذا هي الحياة من عين طفل والموت أيضاً.لكن النيات لا تصنع وحدها فناً جميلاً ولا الخواطر والأحاسيس، أو اللمحاتالمختارة من سيرة ذاتية، المهم هو هذا التوفيق الذي نلاحظه في عمل المخرجوالتجسيد الفني أو الحرفي للمعالجة ،» 41 يوم « والفريق إلى جانبه في تنفيذداخل الشقة التي يدور » الدرامية والإتقان في رسم الشخصيات }الجو الأسريفيها معظم الأحداث من دون أن يشعر المتلقّي بأدنى ملل، بل على العكس اتّسمالفيلم ببلاغة سينمائية تنبع من التكثيف والاختزال، وتقطيع المونتاج الذكيالواعي، على نحو يجعلنا نرى مفردات ولقطات سينمائية، باعتبارها معادلاًبصرياً سينمائياً للصور الكلية أو الجزئية التي تتّسم بها القصيدة الشعرية.أتقنت هند إبراهيم وفريهان يسري تصميم ديكور أسرة متوسّطة مصرية فيتسعينيات القرن العشرين، وتناغم تصوير حسام حبيب ومونتاج أحمد عبدالرؤوف مع رؤية المخرج وأسلوبه.شكّل حسن اختيار عبد العزيز الممثلين ومقدرته على إدارتهم جزءاً أساسياًمن نجاحه، وتصل ذروة الصعوبة في إدارة طفل في هذه السن، يكفي أن الطفلالموهوب نصر أحمد نصر، لم يتكلّم في مشاهده، مع ذلك نجح في التعبير بمايملك من قوة الموهبة ودقة نظراته وحركته.راء جبيل كذلك يقدّم الفيلم موهبتين رائعتين: صفاء رستم في دور الأم، ثفي دور الأخت، وهما تتمتعان بحضور حقيقي ومقدرة على أداء واقعي سلسوإحساس داخلي مرهف بالشخصية، وهاتان الموهبتان، إلى جانب الطفل، لابد من أن تنتظرهما مساحات دراما أكثر اتساعاً وتنوّعاً.
توابل - سيما
«41 يوم»: الحياة والموت من عين طفل
10-10-2011