قرّي في بيتك
ظهر مذيع في إحدى القنوات الدينية وفي مقابلة مع أحد الشيوخ يتهم فيها تحيز المجتمعات الغربية ضد المرأة المسلمة وحجابها، إذ تحرمها من الوصول إلى أعلى المناصب القيادية في المجتمع، ووددت لو أننا نقوم بعمل "بوز" على هذا المشهد لنقوم بمراجعته سوياً، ونطرح سؤالين: هل حرمان المرأة من أعلى المناصب القيادية خطأ؟، والسؤال الثاني، أليس هذا المذيع وجماعته الذين يرفعون الشعار الإسلامي هم أصحاب دعوة تجميد طاقة المرأة في بيتها وحرمانها من المشاركات المجتمعية؟ وإذا كنا نحن من نفعل ذلك مع المرأة فماذا يقال في حقنا؟
الخطاب الديني الخاص بالمرأة يقع في تناقضات خطيرة قد توصف أحيانا بالكاذبة فهو من جهة صاحب شعار إن الإسلام رفع من مكانة المرأة وكرمها وحفظ حقوقها بل وقام بثورة حقوقية من أجلها، وهو من جهة أخرى وباسم الإسلام يعارض حصولها على حقوقها بل ويضعها في أدني السلم الاجتماعي، ويجعل من ديتها نصف دية الرجل وينقص راتبها، ويحبسها في المنزل ويحرمها من المناصب الحكومية العليا، ثم نتهم المجتمع الغربي بأنه يفعل ذلك مع المسلمات، بل إنني قرأت في تحقيق عن المعلمات البديلات أن سيدة سعودية حرمت من تعيينها على بند التعاقد لأنها كانت حاملاً، لو حدث هذا في اليابان أو فرنسا لقلنا إنها مؤامرة على نسل المسلمين.إحدى السيدات بعد القرار الملكي الذي يمكّن المرأة من عضوية مجلس الشوري ومجلس البلديات رفعت خطاباً إلى الملك تطلب فيه عدم تمكين المرأة من عضوية الشوري، وتستشهد بحديث "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" وأن من الخير للمرأة المسلمة أن تجلس في البيت، ونحن نقول لها إن بإمكانها أن تجلس في المنزل، ولن يأتي أحد ليخرجها منه إن كانت تعتقد أن صون نفسها لا يتحقق إلا بهذا الشرط. لكنني أيضا أريد أن أفسر كيف تختلف النساء في نظرتهن لأنفسهن من خلال قصة هن يعرفنها جيدا حدثت قبل 1400 سنة. أم المؤمنين أم سلمة، رضي الله عنها، حين سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ينادي أيها الناس، فطلبت من جاريتها أن تلف رأسها لتخرج إليه، فقالت لها الجارية لكنه، صلى الله عليه وسلم، يقول أيها الناس، فردت عليها أم سلمة وأنا من الناس. أم سلمة بروحها الحرة آمنت أنها انسان من عقل وروح وجسد كامل الأهلية يليق بهذا النداء، نداء الإنسان، لكن الجارية بروح الجواري لم تجد في نفسها ما يليق بهذا النداء فأخرجت نفسها منه. هؤلاء هن بعض النساء فيهن من تجد في نفسها روح الحرة وفيهن من تجد في نفسها روح الجارية وكلٌّ، كما يقول المثل عندنا، بعقله راضي، لكن من نكد الحرائر أن تخرج عليهن نساء بروح الجواري ويعتقدن أن خطابهن يجب أن يشمل كل النساء.