يختلف نقاد الدراما التلفزيونية حول عدد حلقات المسلسل المكسيكي والتركي وأيهما أطول وأكثر عددا؟ وبعيدا عن الحساسية الحالية التي تصيب البعض من كل ما هو تركي سنفترض أن المسلسل المكسيكي هو الأطول، ونتساءل– في التصفية النهائية- أيهما أكثر عددا: حلقات المسلسل المكسيكي أم مسلسل محاكمة مبارك؟

Ad

بدأت حلقات مسلسل مبارك كما يعلم الجميع من لحظة سقوطه في 11 فبراير، ومنذ ذلك التاريخ، وهناك حلقات تمهيدية، برع فيها الممثلون على شكل تساؤلات مثل: هل تتم محاكمته أم لا؟ ما التهم التي توجه إليه؟ إذا كان متهما فمن المجني عليه؟ هل الشعب كله؟ أم مصر ذاتها؟ أم شهداء الثورة؟ وبعض هذه الأسئلة استفهامي وكثير منها تقريري، ولكن كلها تشكل التعريف بالمسلسل أو خلفية الأحداث، وبلغة السيناريو "الفرشة" التي تحرك عقل المشاهد.

وبدأت الدراما الحقيقية مع بداية المحاكمة في 3 أغسطس، وتوقعنا جميعا كمشاهدين أن "الماستر سين" في المسلسل هو مشهد دخوله إلى قفص الاتهام على سرير، (وإن عاب المخرج أن السرير لم يكن مجهزا طبيا كما ينبغي ليبدو المشهد حقيقيا)، وأخذنا بلهف شديد ننتظر مشهد النهاية؛ متوقعين حدوثه بعد حلقة أو اثنتين على الأكثر، ولكن سرعان ما تبددت أحلامنا حين أصر المخرج– كعادة المسلسلات المكسيكية– على وجود أكثر من مشهد رئيسي، فكان المشهد الثاني هو شهادة نائب الرئيس عمر سليمان ورئيس المجلس العسكري المشير طنطاوي.

ولأننا مشاهدون طيبون وعلى نياتنا قلنا "خلاص هذا هو المشهد الأخير"، ولكن هيهات هيهات، فمازال المؤلف يتلاعب بأفكارنا ومشاعرنا، والمخرج يصر على زيادة الحلقات طلبا للمزيد من الإعلانات التجارية، وتسويقا للمسلسل، خاصة في الفضائيات الخليجية، فكل شيء يعتمد الآن على الاقتصاد والمال، فالفن هدفه الربح، والسياسة لا تنجح بدون اقتصاد قوي، والأندية الرياضية تحولت إلى شركات تجارية، فما المانع من زيادة حلقات المسلسل؟؟!

وتفاجأ الجميع بمشهد رئيسي جديد أكثر سخونة (من مشهدي دخوله القفص وشهادة المشير)، وهو مشهد رد هيئة المحكمة، فكان هذا المشهد فرصة العمر للمخرج لزيادة عدد الحلقات، فتم تأجيل المحاكمة، وقبل الموعد الجديد بلحظات تنحت هيئة محكمة الرد لتعطي الفرصة للمزيد من إطالة المسلسل، وزيادة عدد الحلقات، وليتم التأجيل مرة أخرى، فالقاضي الأساسي لا يملك الفصل في الدعوى لحين النظر في طلب الرد، ويحرص المخرج على تنبيه المشاهدين بضرورة احترام قرارات القضاء، وعدم التعليق عليها حرصا على حياتنا... وما زلنا ننتظر.

هذا ملخص ما تم عرضه من مسلسل مبارك إلى الآن، ويقينا لن ينتهي المسلسل قريبا، فالإعلانات تتوالى ودقيقة الإعلان بـ"الشيء الفلاني"، والمشاهدون ينتظرون، "هم يعني وراهم إيه"، والمخرج يتلاعب بالجميع، وإن كان البعض يلتمس العذر للمؤلف، ويفترض أنه حائر وأوقع نفسه في ورطة، ولا يعلم كيف ينهي المسلسل، فهل ينتظر حكم القدر ليخلصه من مأزقه؟ أم ينهيه نهاية سعيدة كي لا يخرج على تقاليد الدراما المصرية؟ ولكن كيف؟

أما أنا وكمتابع قديم للدراما التلفزيونية منذ "خماسية الساقية" و"هارب من الأيام" و"القاهرة والناس"... إلخ، فأرى أن القدر– وعذرا- لن يساند المؤلف، ولن يقف معه، ولن يصدر حكمه الآن، وسيترك المؤلف والمخرج يتحملان وحدهما وزر نهاية المسلسل، والعبث بدماء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل إعادة الحياة والبسمة والأمل في الغد والثقة بالمستقبل إلى نفوسنا جميعا، وإلى المؤلف والمخرج تحديدا، فهل سيقدران على تحمل كل هذه الآثام والذنوب؟ أم ينتهي هذا المسلسل المكسيكي سريعا بما يسعد هذه الأرواح الطاهرة؟... ماذا تتوقع أنت عزيزي القارئ؟!