يسود حالياً ضمن المستثمرين مزاج سلبي وكئيب. خلال الشهر الماضي قمت بمناقشة المفاجآت العشر الإيجابية التي أتوقعها لعام 2012 مع العملاء وغيرهم ويعتقد أغلب الذين تحدثت إليهم بأن الاقتصاد الأميركي سينمو بنسبة تراوح بين 1-2 في المئة فقط، وستبقى أزمة الديون الأوروبية بعيدة عن الحل مع اضطرار بعض من دول الاتحاد الأوروبي إلى الخروج منه. وأعربوا عن اعتقادهم بأن الأسواق الناشئة ستشهد تباطؤاً، بينما ستواجه أسواق الأسهم العالمية عاماً صعباً آخر.

Ad

بمعدل عام، أصابت توقعاتي العشرة، والتي اعدها سنوياً منذ عام 1986، ما يقارب نسبة 50 في المئة. حينها أشرت إلى وجود سببين يدفعانني للاعتقاد بأن عام 2012 سيكون أفضل من المتوقع؛ الأول هو التحسن الذي تشهده البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة بشكل شهري. أما الثاني، فهو أن انهيار الاتحاد الأوروبي سيكلف الأوروبيين أكثر مما يستطيعون تحمّله، لذلك سيحرصون على إيجاد حل يبقيه قائماً رغم الاحتمالات المرتفعة لحدوث عجز وركود. كما أعربت عن اعتقادي بأن أسواق الأسهم العالمية ستسجل أسعاراً معقولة، وأن عام 2012 سيكون إيجابياً إلى حد ما بالنسبة الى المستثمرين دون أن أغفل الاحتمالات السلبية على المدى الطويل.

فبعد أن قلت في المفاجآت إن سعر النفط الخام سيهبط إلى 85 دولارا للبرميل، أظن الآن بأن استخراج النفط من الرواسب سيسمح للولايات المتحدة بتعزيز إنتاجها المحلي في عام 2012 إلى مستويات أعلى من 2011، وهو أمر لم يحدث منذ 20 عاماً. وأشرت أيضاً إلى أن تقنيات الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي أصبحت سائدة في دول أخرى، مما سيرسي معايير جديدة في القطاع.

توقعت أيضاً ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 1400 نقطة خلال عام 2012، وأرى بأن نظرتي هذه في طريقها إلى التحقق مع الانطلاقة الجيّدة التي سجلها المؤشر مطلع العام، فقد ارتفع إلى أكثر من 1300 نقطة حتى الآن. وسيكون تحسن الأرباح واعتدال التقييمات الحافزين الرئيسيين وراء الوضع الإيجابي في أسواق الأسهم.

واستندت مفاجأتي الثالثة إلى التوقعات بأن نمو الناتج الإجمالي المحلي في الولايات المتحدة الأميركية سيتعدى 3 في المئة. وبطبيعة الحال، سيكون من المستحيل تحقيق هذا النمو دون دعم من قطاع الإسكان الذي بدأ بالوصول الى قاع تدريجي. لكن عجز الميزانية الذي يزيد على تريليون دولار والزخم الاقتصادي الجيّد سيساعدان على تسجيل نمو بنسبة 3 في المئة في 2012.

وتوقعت أن تكون المفاجأة الرابعة انتخاب الرئيس أوباما لولاية رئاسية ثانية، وأعتقد بأن العامل الاقتصادي سيلعب دوراً مهماً؛ فإذا نجح الرئيس في إقناع الناخبين بأن الاقتصاد يتحسن مع توفير مزيد من فرص العمل، فسيكون أمامه فرصة جيدة لإعادة انتخابه مجدداً. وأشير هنا إلى أن رومني سيكون الخصم الأقوى لأوباما من الجمهوريين. وتحدثت أيضاً عن أن الاتحاد الأوروبي سيبقى قائماً، وأن اليورو سيحافظ على مكانته كعملة موحدة لجميع الدول التي تستخدمه. سنشهد العديد من حالات العجز التي ستؤدي إلى شطب الديون السيادية لعدة دول، ولكنني أعتقد بأن اليورو والاتحاد الأوروبي سيخرجان سالمين من عام 2012 خلافاً لتوقعات الكثيرين. إلا أن تراجع عملية إعادة هيكلة الديون سيؤدي إلى تهديد المنظومة المصرفية للقارة بأكملها، وسيكون تقديم مساعدات مؤسسية أمراً لا بد منه للحيلولة دون وقوع أزمة مالية.

كنت على مدى سنوات عديدة أنصح المستثمرين بوضع قسم من محافظهم في الذهب كضمانة للحماية من الأزمات التي قد تعاني منها الأصول المالية. وما زلت معتقداً بصوابية رأيي هذا، غير أن مفاجأتي السابعة تقول إن عملات الدول التي تدير شؤونها المالية بشكل ناجح ستكون ملاذاً استثمارياً آمناً إلى جانب الذهب.

وفي السياق ذاته، أعتقد بأن عملات الدول التي تتمتع بموارد طبيعية كبيرة وعدد سكان صغير نسبياً - مثل أستراليا - ستكون خياراً جيداً بدورها. بعبارة أخرى، يوفر الذهب وعملات الدول المذكورة الملجأ الآمن الذي يبحث عنه المستثمرون للحفاظ على جزء من أموالهم في غضون الظروف الاقتصادية الحالية المليئة بالمخاطر.

وأخيراً، أشارت آخر مفاجآتي إلى العائدات والمزايا الإيجابية التي سيحظى بها المستثمرون الذين يملكون حصصاً في الدول النامية الكبيرة مثل البرازيل والهند والصين، والتي أعتقد بأن أسعار الأسهم فيها أصبحت مشجعة. وكما قلت، أرى أن نمو اقتصادات الدول النامية سيتباطأ خلال عام 2012 مقارنة بما كان عليه الحال في الفترة الأخيرة، ولكنني أعتقد بأن الأرباح التي ستحققها شركات عديدة ستواصل تقديم مبررات لرفع الأسعار.

وبعد أن تناولنا بشكل تفصيلي آخر المستجدات المتعلقة بهذه المفاجآت، يبقى الآن أن نواصل متابعتنا لمجريات الأحداث خلال العام لنرى كيف وإلى أي مدى ستتحقق هذه التوقعات على أرض الواقع.

* بايرون واين ، نائب رئيس شركة بلاك ستون