من يتجول في مدينة الكويت العاصمة وضواحيها، والموعودة بأن تكون مركزاً مالياً وتجارياً إقليمياً يتعجب مما يراه من قرارات تنظيمية وبلدية تنم عن قدرة فئات وأصحاب مصالح على إعمال رغباتهم ومصالحهم حتى لو تعارضت مع مصلحة البلد، فها هو سوق الصفافير (الحدادين والنحاسين) في وسط العاصمة بمرافقه المتردية وشكله المنفر والإزعاج الناتج عن مزاولة أعماله يتوسط أفخم الأبراج السكنية والمكتبية التي بنيت من حوله في منطقة الشرق، وأصبح view المستثمرين في الأبراج الفخمة التي تزين وسط العاصمة هو سوق الصفافير.

Ad

وحتى نكون منصفين يجب أن نشير إلى أن بلدية الكويت قررت قبل أكثر من عشر سنوات نقل سوق الصفافير إلى منطقة الشويخ الصناعية، تمهيداً لتطوير العاصمة، وهيأت الموقع المناسب لهم هناك، ولكن «لوبي سوق الصفافير» من مؤجرين وخلافه كان أقوى من قرارات الدولة، ومارس ضغوطه على النواب والوزراء وأعضاء المجلس البلدي حتى جمد القرار، ليبقى السوق في موقعه الحالي، رغم المنظر المشوه له والاعتبارات الأمنية لوجود عمالة هامشية كبيرة فيه، بالقرب من مواقع تجارية واقتصادية مهمة في وسط العاصمة، فهل يتمكن وزير البلدية والأشغال د. فاضل صفر من أن يواجه «لوبي الصفافير» ويقنعهم بأن ينتقلوا إلى موقعهم الجديد حتى يسهموا في تطوير عاصمتهم، خاصة أن الموقع أصبح غير صالح لنشاطهم، والسوق لا يمثل أي معلم تاريخي، وهو كذلك حديث نسبياً، وشكل تصميم خاناته سيئ جداً ومنفر، وهل يتمكن الوزير أيضاً من أن يجد حلاً لـ «خرايب» كراجات تصليح السيارات في منطقة شرق التي تشكل منظراً أكثر سوءاً لوسط العاصمة وتمثل نشاطاً مخالفاً تماماً في موقعها الحالي؟

***

ومن التجاوزات الفادحة التي تحدث في البلد كذلك ما يجري في منطقة الشويخ الصناعية من تحويلها إلى منطقة «مولات» في وسط «سكيك» ضيقة وبعيدة عن الشوارع الرئيسية ووسط محلات ميكانيكا وورش، إذ تحولت المنطقة إلى نموذج لفوضى قرارات الدولة، وضياع بوصلة التخطيط العمراني وحماية البيئة، والأمر الأكثر أسفاً ما يحدث في ضواحي منطقة جنوب السرة من بناء عمارات سكنية بأربعة طوابق يتم تحويلها إلى شقق سكنية بعد أن يتم إيصال التيار الكهربائي إليها وبصفة خاصة في قطعة واحد في ضاحية الزهراء، التي يقوم نائب سابق ذو نفوذ بتحويلها إلى شبيهة لمنطقتي الجابرية وسلوى المدمرتين تنظيمياً من خلال بناء فلل بالنسبة القصوى لتكون عقارات استثمارية في منطقة سكن نموذجي... فهل يبادر الوزير صفر أيضاً باقتراح لمراجعة نسب البناء في مناطق السكن النموذجية، ووضع أسس لضبط عمليات الاحتيال بفصل البيوت وتحويلها إلى شقق للإيجار بعد توصيل التيار الكهربائي إليها؟

***

من القرارات العجيبة أيضاً وغير المفهومة والتي قد تشكل هدراً بعشرات ملايين الدنانير هو قرار وزيرة التربية السابقة ببناء مبنى ضخم للوزارة اسمه «الديوان العام» في منطقة الوزارات في جنوب السرة، رغم أن الوزارة تمتلك موقعاً ضخماً ومميزاً وبعدة مبان ومواقف خاصة به في منطقة الشويخ، والمفارقة أن وزارة التعليم العالي منذ أربع سنوات «تلوي» بين شارع أحمد الجابر والمنطقة الحرة، وهي تبحث عن مقر دائم لها، وستنتقل قريباً إلى مبنى مؤجر سيكلف الدولة مبالغ طائلة في موقع شديد الزحام في منطقة الشرق يحده ويحيط به عيادات المستشفى الأميري وهيئة القصر وسوق شرق وشركة التسهيلات التجارية، وهي منطقة كثافة مراجعين ضخمة جداً، إضافة إلى المئات من المراجعين لوزارة التعليم العالي ذاتها، وستتحول المنطقة نتيجة لذلك إلى بؤرة معاناة يومية لآلاف المواطنين ونقطة اختناق دائمة في وسط العاصمة وشارع الخليج العربي، فهل يبادر وزير التربية الجديد الشعبي والنشيط أحمد المليفي إلى اتخاذ قرار بمنح المبنى الجديد في جنوب السرة لوزارة التعليم العالي والمجالس التابعة لها وهيئة تقييم جودة التعليم، ليوفر على الدولة هدر الملايين، وتلبية احتياجات وزارة التربية المستجدة من خلال تطوير مبانيها في مقاطعتها الضخمة في الشويخ؟!