«... تتعدد أنواع الرقابة على دستورية القوانين بتعدد الجهات الممارسة لها، فقد تتم الرقابة من قبل الرأي العام، وقد تناط المهمة إلى هيئة سياسية، وقد يمارس القضاء وظيفة الرقابة». كلمات اخترتها من الجزء الخاص بالرقابة على دستورية القوانين، كتاب الأخ الدكتور عادل الطبطبائي.
عرفت الحياة السياسية الكويتية بالعديد من المبادرات الإصلاحية «المتجددة»، ولتحديد النقاط المهمة في مسار الإصلاح السياسي دعونا نسلط الأضواء على مراحل متعددة؛ أولها المصاحبة للاستقلال وهي فترة صياغة القوانين التي اتخذت النسق التالي:• دعوة الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم, إلى إجراء الانتخابات العامة للمجلس التأسيسي، وذلك بعد شهرين من الاستقلال.• تشكيل اللجنة الأساسية لكتابة الدستور.• تقسيم المناطق إلى عشر «مناطق انتخابية» وفقا للقانون 28 لسنة 1961، وكانت ممثلة بشرق وقبلة والشويخ والشامية وكيفان والقادسية والدسمة وحولي والسالمية والأحمدي.• إجراء أول انتخابات برلمانية، واستمر «نظام الدوائر العشر» على مدى أربعة انتخابات متتالية.بعدها، شهدت الساحة السياسية مرحلة حل البرلمان، وتغيير الدوائر الانتخابية فحلت دوائر الخمس والعشرين مكان الدوائر العشر في عام 1981, بين مؤيد ومعارض. أما فترة ما بعد عام 1990 فقد برزت مراحل إصلاح النظام الانتخابي إلى السطح مرة أخرى عبر إقرار الحقوق السياسية للمرأة وتعديل الدوائر إلى خمس، ورغم تأقلم القوانين مع دخول النساء كهيئة ناخبة، وعضوات بمجلس الأمة، فتطورت اللجان البرلمانية لتستوعب قضايا المرأة، ومنها اللجنة التشريعية وغيرها من اللجان في طرح ومناقشة قضايا الإسكان وكوادر العاملات من النساء.أما موضوع إصلاح الحياة الانتخابية وتنظيم التجمعات السياسية فلم تتطرق له اللجان البرلمانية أو الوزارية، وخضعت للعمل العشوائي، ولم يدخر النواب جهدا لتدارس قانون ينظم التجمعات السياسية خارج البرلمان، أو قانون للإفصاح عن الإنفاق المتضخم على الحملات الانتخابية، والإفصاح عن المركز المالي قبل الوصول إلى البرلمان في ظل نظام مالي وقانوني سليم، قبل أن يجد الناخب الساحة السياسية في وضع فريد من نوعه، وهنا نتساءل: على من تقع مسؤولية الإصلاح الانتخابي؟بعض الدول تسند المهمة إلى إدارة انتخابية مستقلة رغبة في تعزيز استقلالية آلية اتخاذ قرار التعديل والتطوير، فتأخذ على عاتقها تقسيم الدوائر وإدارة المصالح الانتخابية، ومنها جنوب إفريقيا ونيجيريا، أما البعض الآخر في العالم النامي أيضا فيقوم بإسناد المشاريع التصحيحية إلى جمعيات النفع العام, كجورجيا وليبيريا, حيث تأخذ منظمات المجتمع المدني على عاتقها أنماط المشاركة السياسية، وعدالة التمثيل، وتسجيل القوائم الانتخابية، والنزاهة، وتعزيز مشاركة المرأة، وتركيبة الإدارة الانتخابية بشكل عام, إلى جانب إصلاحات فنية وتكنولوجية تكسب العملية الانتخابية تحديثا.كلمة أخيرة:اليوم وبعد خبر الإيداعات المليونية، مازلنا ندور في حلقة مفرغة بين سلطة تشريعية تخشى المواجهة, وتنفيذية مترددة في اقتراح قانون شامل للإفصاح يمس قياديي الدولة ومواطن «سئم» صداع الحياة السياسية، وبات «يغبط» دول الخليج في تسويقها لمشاريعها وكفاءات مواطنيها... ومازلنا نتساءل: على من تقع المسؤولية؟!
مقالات
مبادرات الإصلاح الانتخابي... من يطلقها؟
19-10-2011