هذا العام برز لنا موضوع سيثار بشأنه الكثير من الجدل، فهناك بعض المحطات الفضائية تتفاخر بعرض أحد أضخم العروض الرمضانية بإنتاج مسلسل تاريخي يسلط الضوء على فترة زمنية مهمة من تاريخ الإسلام، وبالتحديد في زمن خلافة معاوية ابن أبي سفيان وما صاحبها من أحداث ولا أدري كيف استقى الكاتب تلك الأحداث؟ وما المصادر التي اعتمد عليها في تحويل رؤيته إلى دراما تاريخية تختزل حقبة من الزمن اختلف فيها المسلمون أيما اختلاف؟

Ad

يستعد المسلمون عادة في شهر شعبان لاستقبال شهر رمضان بالتحضير له فرحاً بقدومه لما لهذا الشهر الكريم من قيمة عظيمة، ففيه تفتح أبواب الرحمة والمغفرة والتوبة، لكن الإعلام المرئي عودنا على عرض المسابقات والمسلسلات لجلب أكبر عدد من المشاهدين، دون مراعاة لخصوصية هذا الشهر الفضيل.

أضف إلى ذلك أن بعض القنوات تتفنن في إثارة الفتن الطائفية تحت عنوان كبير، وهو التقريب بين المذاهب ليشغلوا المجتمعات في اختلافات جزئية أو حتى جوهرية يقدمها أنصاف علماء، وسواء اجتهدوا في طرح آرائهم عن صفاء نية أو ممن يبحث عن الشهرة، فالنتيجة واحدة فتنة عظيمة تزيد تمزيق وحدة الأمة... كفانا الله وإياكم شرهم وشر ما فيهم.

ومع كل رمضان نجد فنوناً من الإبداعات التي يطلقها البعض، وقد تكون حلالاً في أصلها لكن يضل توقيتها في الشهر الفضيل بما يبعث على التساؤل، كالدورات الرمضانية لكرة القدم، وهو أمر يستحق المراجعة من المنظمين باختيار التوقيت المناسب، أما اللعبة الأخرى فهي لعب الورق "كوت بوسته, والهند"، وما يبذل لهما من جوائز قيمة.

هذا العام برز لنا موضوع آخر سيثار بشأنه الكثير من الجدل، فهناك بعض المحطات الفضائية تتفاخر بعرض أحد أضخم العروض الرمضانية بإنتاج مسلسل تاريخي يسلط الضوء على فترة زمنية مهمة من تاريخ الإسلام، وبالتحديد في زمن خلافة معاوية ابن أبي سفيان وما صاحبها من أحداث كصلح الإمام الحسن، متبوعاً بثورة الإمام الحسين، ولا أدري كيف استقى الكاتب تلك الأحداث؟ وما المصادر التي اعتمد عليها في تحويل رؤيته إلى دراما تاريخية تختزل حقبة من الزمن اختلف فيها المسلمون أيما اختلاف؟

المهم في هذا المسلسل أنه لن يجيب عن تلك الأحداث بموضوعية، وهنا لا أود أن أسوق التهم جزافاً، لكن لو كان الأمر بهذه البساطة لما اختلف المسلمون في ما بينهم، كما أنني أعتقد أن المؤلف لم يستند إلى مناهج البحث العلمي والتاريخي من المنظور الديني، ولا أعتقد أنه تحقق من مرجعيات دينية لها ثقلها، كما أن عرض هذه الحقبة التاريخية في هذا الوقت لا يعد من الحصافة الاجتماعية والسياسية، فالوطن العربي يتمزق بنيران الاصطفاف الطائفي والمذهبي، بل ووصل الأمر إلى التكفير والقتل على الهوية، والشواهد على ذلك كثيرة.

إذا كنا نغرق في خيمة رمضانية لأنها بدعة، أو لأن الهدف منها لا يمت بشيء إلى الدين، وهذه حقيقة لا يمكن لعاقل أن يغفل عنها، فكيف بنا هذا العام ونحن أمام فتنة درامية تدخل كل بيت وتدور حلقاتها عن أحداث فتنت المسلمين في صدر الإسلام وتسببت في قتل الآلاف لأنهم انتصروا لهذا الطرف أو ذاك؟!

فهل يبادر وزراء الإعلام في الوطن العربي إلى وقف عرض هذا المسلسل درءاً للفتنة؟

ودمتم سالمين.