معنى ما قاله جنتي!!
على كل الذين «يغزلون ناعماً» مع إيران أن يقرأوا تصريحات رئيس مجلس صيانة الدستور الإيراني أحمد جنتي، التي دعا فيها المسلمين, وهو يقصد هنا الجمهورية الإيرانية, إلى فتح البحرين!! التي وصف الحوار الوطني البحريني فيها بأنه يهدف إلى الاحتلال، وقال أيضاً: «إنه يجب أن يحكم الإسلام في هذا البلد».ولمعرفة قيمة وأهمية تصريحات أحمد جنتي هذه فعلينا أن نعرف أنه أحد كبار العلماء في إيران، وأنه قاضي محكمة الثورة، وأنه إمام جامعة طهران المؤقت، وأنه عضو مجلس الخبراء وعضو هيئة تشخيص مصلحة النظام وعضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية، وكل هذا بالإضافة إلى أنه رئيس مجلس صيانة الدستور الإيراني.
لقد بقي كبار المسؤولين الإيرانيين، وفي مقدمتهم مرشد الثورة علي خامنئي، يغطُّون حقيقة نواياهم تجاه العرب والدول العربية بستار «التّقية» المعروفة حيث ينوون شيئاً ويقولون شيئاً آخر، لكن يلاحظ أنهم في الآونة الأخيرة, ربما مع ازدياد الضغط الشعبي على نظام الرئيس بشار الأسد, بدأوا يعلنون حقيقة مواقفهم وبدأوا يقولون ما في قلوبهم، والدليل هو هذا الكلام الخطير الآنف الذكر الذي صرَّح به أحمد جنتي. ونحن لو قرأنا ما قاله رئيس مجلس صيانة الدستور الإيراني هذا قراءة سياسية لوجدنا أن دعوته لـ»المسلمين» إلى إعادة فتح البحرين وقوله إن الإسلام يجب أن يحكم فيها، يعنيان أنه لا يعترف بالإسلام الحاكم في هذا البلد، وهذه مسألة في غاية الخطورة، وهي تعيدنا إلى تلك الفترة البعيدة عندما وصل الصراع بين الصفويين, أتباع إسماعيل الصفوي الذي أسقط تطلعاته على المذهب الجعفري الاثني عشري وأقحم عليه بدعة «الولي الفقيه», والعثمانيين السُّنة على المذهب الحنفي, مذهب أبي حنيفة النعمان, إلى ذروته، واتخذ في أسوأ مراحله هيئة الحروب الدموية الطاحنة التي أُزهقت فيها أرواح كثيرة.وقبل هذه التصريحات الخطيرة, التي يجب ألا نمر عليها مرور الكرام, فإن المعروف أن مرشد الثورة علي خامنئي كان قد قال قبل أيام إن ما يجري في سورية هو انحراف هدفه إيجاد خلل في جبهة الممانعة، وإن ما يجري في البحرين هو نضال حقيقي!! وهذا أكبر دليل على أن إيران منغمسة في حرب حقيقية تحت راية مذهبية واضحة، ولعل ما يجري في لبنان والعراق يؤكد هذه الحقيقة التي لم تعد بحاجة إلى أي تأكيد.نحن كعرب نريد أن تكون إيران دولة شقيقة علاقاتنا معها مميزة يحكمها حسن الجوار والتاريخ المشترك والمصالح المتداخلة وعدم تدخل أي طرف في شؤون الطرف الآخر الداخلية، وهذا كان منذ بداية ثورة عام 1979 التي فرحنا بها ربما أكثر مما فرح بها الإيرانيون أنفسهم، ظنَّاً منَّا أنها ستنهي تطلعات الشاه محمد رضا بهلوي الإمبراطورية تجاه هذه المنطقة، لكن للأسف ثبت أن فرحنا لم يكن في محله، وثبت أن الالتزامات الفارسية لهذه الثورة أكثر من التزامات صاحب عرش الطاووس، والدليل هو ما قاله جنتي وما قاله خامنئي، وهو كل هذا التدخل السافر في الشؤون الداخلية العربية.