وهكذا بانت نهاية أكثر وأكبر حاكم مهرج في التاريخ.

Ad

ذهب مع الريح واقتلعته في طريقها من حيث لا يحتسب. هناك أنماط متعددة للحكم في العالم إلا أن نمط الحكم بالتهريج هو نمط يتفرد به عدد قليل من حكام العالم، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر عيدي أمين وموبوتو سي سي سيكو، وربما حتى صدام حسين الذي، وإن كان حريصاً علي إظهار قدر عالٍ من الجدية، إلا أن الكثير من أنماطه السلوكية بالإمكان إدخالها ضمن الحكم بالتهريج.

إلا أن معمر القذافي يستطيع دون غيره أن يحتكر لقب الحاكم المهرج الأول دون منازع. فقد أتى على السياسة بسلوكيات غريبة صار يعرفها القاصي والداني حتى وصل به الأمر إلى الهرب ودعوة الملايين للقضاء على الجرذان... هكذا.

ومع أن شخصية المهرج ودوره في الحياة هو إسعاد الناس وإضحاكهم، إلا أن الحكام المهرجين قد أثبتوا أنهم لا يقلون قسوة عن غيرهم، فهم يتعاملون مع الحياة كمسرح، لهم وحدهم فقط حق الظهور عليه.

لو فكر العقيد أو الفقيد القذافي بوظيفة بعد تقاعده القسري فلعله يستخدم أساليبه التفاوضية في البدء بعمل مسرحي موسيقي في برودواي بنيويورك أو الوست اند بلندن. سيكون العمل ناجحاً وسيتسيد الأمكنة وسينجح إلى درجة أنه سيقوم بجولة عالمية ربما تكون إحداها ليبيا، من يدري.

لو اكتفى الحكام المهرجون بإضحاك الناس فقط لما كان هناك من مشكل، ولكن رأينا جميعاً حجم الأذى الذي خلفوه وحجم الدمار والتفتيت الذي جنته شعوبهم.

قد يفتقد العالم الجانب الساخر من القذافي وقد يفتقد ملابسه الغريبة الملونة أو خيمته وغير ذلك كثير، ولكن لن يفتقد الحقيقة القاتمة وراء كل ذلك. وأن كل تلك السخرية والكوميديا لم تكن إلا كوميديا سوداء، تراجيديا، ولم تكن إلا ضحكاً مغموساً بدم.