وثيقة لها تاريخ:السالمي بغلة عبداللطيف بن عيسى بن حِجِّي
وثيقتنا اليوم يعود تاريخها إلى عام 1325 هـ - 1907 م، وهي عبارة عن شهادة لمن يهمه الأمر، بالمفهوم الحديث، كتبها ووقّعها أمير الكويت آنذاك الشيخ مبارك الصباح يؤكد فيها أن التاجر والنوخذة القدير عبداللطيف بن عيسى من رعايا الكويت، وأن سفينته المسماة «السالمي» هي ملكه الخاص، ويطلب من الموانئ والدول التي ترسو فيها هذه السفينة تسهيل دخولها ورسوها ومساعدة ربانها وطاقمها. النص الحرفي للوثيقة هو كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيمالواقفون على مرسومنا هذا من السالكين بالبحار والساكنين بالبنادر من جميع الدول العظام الفخام المتحابة منخصوص البقلة المسما السالمي ملك عبداللطيف بن عيسى بن حجي هو من جماعتنا من اهل الكويت وتابعنا نأمل من حكم دراية الدول العظام المتحابة اذا نظروا اليه ووقفوا عليه ان يعاملوه المعاملة اللائقة كما جرت به اصول وقوانين وشرائط وروابط الدول المتحابة. هذا واصدرناه وبيد ناقله سلمناه.كيلا يخفى، حرر في 26 شعبان 1325هـ. صحيح حاكم الكويت مبارك الصباحوفي أسفل الوثيقة تعليق مهم وقع تحته الكابتن وليام شكسبير المعتمد البريطاني في الكويت يوضح فيه أن السفينة الكبيرة المسجلة في بومبي برقم 1049 في شهر شوال عام 1315هـ، هي ملك عبداللطيف بن عيسى بن حجي اشتراها من التاجر عيسى بن إبراهيم بن عبدالجليل، ويعتبر التسجيل القديم لاغياً من تاريخ اعتماد هذه الوثيقة وهو 11 أكتوبر 1911م.والنوخذة عبدالطيف بن عيسى، المتوفى عام 1936، من كبار نواخذة الكويت في وقته، وتاجر له عدة عقارات وعمارات في فريج بن خميس في الحي الشرقي. وأسرة بن عيسى وأسرة بن حجي (سكان شرق) هم أسرة واحدة يلتقون في جدهم حجي بن خالد المنصوري التميمي، قدموا إلى الكويت قبل أكثر من 200 سنة، وعملوا في البحر والسفر، فكان منهم العديد من النواخذة والتجار مثل التاجر والنوخذة يوسف بن حجي بن ناصر الذي أنجب النوخذة حجي، والنوخذة عبدالوهاب، والنوخذة ناصر، أما عبداللطيف بن عيسى فأنجب النوخذة عيسى، والنوخذة سليمان، والنوخذة ناصر، والنوخذة حمود، والنوخذة حمد، والنوخذة إبراهيم. وقد قام مركز البحوث والدراسات الكويتية بنشر «رزنامة» تتضمن اليوميات والأحداث أثناء السفر الشراعي للنوخذة حجي بن يوسف بن حجي، ورزنامة أخرى للنوخذة ناصر بن يوسف بن حجي، وفيهما الكثير من المعلومات المفيدة عن خط سير الرحلة من الكويت إلى الهند والعودة، مروراً بالكثير من الموانئ.والسفينة نوع البغلة تعتبر من أكبر وأشهر سفن الكويت والخليج العربي وأقدمها، وكان الاعتماد عليها في التجارة البحرية قبل ظهور البوم الذي تفوق عليها بشكله وحجمه وسرعته وسهولة قيادته، لذا رغب النواخذة في اقتنائه وأصبح في غضون سنوات قليلة السفينة المثالية للتجارة البحرية مع موانئ الهند وشرقي إفريقيا، ويعتقد أن السفينة البغلة يعود تاريخها إلى ما قبل القرن السادس عشر الميلادي، وتشبه إلى حد كبير سفن البرتغاليين والسفن الإسبانية والفينيقية.أما التاجر والنوخذة عيسى بن إبراهيم العبدالجليل فلا يكفي أن نتحدث عنه في سطور قليلة، ولنا وقفة تاريخية معه في المستقبل إن شاء الله تعالى.