القطيع والأسد
بسبب الضجر السياسي المحلي والعربي، وبما أن الوفاء والصفح من الشيم العربية، وهو البطل المفقود بالمسرح العربي السياسي المعاصر، ولم يعد الغالب من الناس يفقه لغة الصفح والعفو عند المقدرة. سأذكر إحدى قصص الوفاء العربي، لعل وعسى أن يعي من خالطته الظنون، وغفل عن دورات السنون:من عجائب ما يؤثر عن العرب إبان فتح الأندلس أن شاباً إسبانياً اعتدى على آخر من أبناء العرب وقتله، ثم فر هارباً حتى انتهى إلى بستان، فرأى أن يلجأ إليه.
فدخله، فوجد شيخاً جليلاً، فتعلق به ليجيره، من أيدي الأعداء، فجاء به الرجل إلى مأوى منفرد، وخبأه فيه، وبعد ذلك علا الصياح وراء جدار البستان، ودخل نفر من الناس يحملون القتيل. نظر الشيخ إليه فوجده ابنه، واعتقد أن الشاب الذي خبأه هو الذي قتله، فأخذ الحزن والأسى منه كل مأخذ، ولكنه كظم غيظه حتى جاء الليل، وهدأت الأصوات، ثم قام ودخل على الفتى ونبأه بالأمر، فهلع فؤاده، ورأى الموت أمام عينيه، فأخذ الشيخ يؤمنه ويهدئ روعه حتى خفف عنه، ثم قال: ما كنت لأخفر ذمتي وأنقض عهدي. فهذا الليل، قم وتسلق الذرا لأنني لا آمن أن يجيء قومي ويسيؤوا إليك، والله ولي أمري.كلمه أخيرة:يقول المثل الكيني:"إذا اتحد أفراد القطيع، نام الأسد جائعاً".