الخيار الذي وضعه رئيس وزراء العراق نوري المالكي، لا فض فوه، إذا أُزيح بشار الأسد عن موقع الرئاسة أو إذا قُتِل، والأعمار بيد الله، هو الحرب الأهلية المدمرة، وهذا اعتراف واضح بأن هذا النظام السوري المستمر منذ أكثر من أربعين عاماً هو نظام طائفي، وهو حكم أقلية لأكثرية، وأن هذه الأقلية إما أن تبقى في الحكم وإما أن تقلب كل شيء في سورية عاليه سافله، وستزلزل المنطقة كلها و"عليّ وعلى أعدائي".
بقي الحريصون على سورية، الدولة العربية الرئيسية التي تحتل موقعاً استراتيجياً في الوطن العربي، يرفضون التعاطي مع كل هذه المذابح والأحداث التي توجع القلب على أنها ذات أبعاد طائفية ومذهبية، وأن هذا النظام إن كان نظاماً طائفياً فإنه ليس نظام الطائفة العلوية، التي دمّر حافظ الأسد رموزها التي عانت ولاتزال تعاني ما عاناه الشعب السوري كله، لكن بعد كل هذه الفترة، منذ مارس الماضي، يتضح أن هناك إصراراً من قبل إيران وكل أتباع الولي الفقيه على إضفاء الرداء المذهبي على هذا الصراع الذي لا يزال المخلصون والخيّرون يريدونه صراعاً بين الخير والشر وبين الفساد والإصلاح وبين الاستبداد والديمقراطية.عندما يطرح رفعت الأسد عمُّ بشار الأسد والنائب السابق للرئيس السابق حافظ الأسد حلاً لهذا المأزق الذي تعيشه سورية بأن يتم استبدال ابن أخيه "العلوي" بـ"علوي" آخر، وهو ربما يقصد نفسه، لإرضاء الطائفة العلوية فإن هذا تأكيد لمذهبية هذا النظام منذ انقلاب نوفمبر عام 1970 إلى الآن، وتأكيد أن نوري المالكي عندما هدد بأن الحرب الأهلية ستكون البديل إذا أُقصي الرئيس السوري عن موقع الرئاسة أو قُتِل، انطلق من منطلق طائفي ومذهبي واضح ولا لبس فيه.وأيضاً عندما نرى كل هذا التحشيد الذي تقوم به إيران وكل هذا التدخل السافر بالسلاح وبالأموال وبخبراء القمع وبمليشيات حزب الله وسرايا جيش المهدي لصاحبه مقتدى الصدر فإن الطيبين الذين يرفضون إعطاء أي بعد طائفي أو مذهبي لكل هذا الذي يجري في سورية يجدون أنهم سيكونون كمن "يغمس" خارج الصحن، إن هم بقوا يتعاملون مع الأمور من هذا المنطق، وهم يرون ما تفعله إيران ويسمعون ما يقوله نوري المالكي وما يقوله حسن نصر الله، الذي هدد في آخر ما قاله بحرب "متدحرجة" ستشمل المنطقة كلها إذا تعرض بشار الأسد ونظامه إلى أي سوء.كان الذين يرفضون الأبعاد المذهبية والطائفية لما يجري في سورية يتوقعون انقلاباً عسكرياً إنقاذياً يشارك فيه ضباط علويون وطنيون وقوميون مشاركة رئيسية. وحقيقة فإن هذا التوقع لا يزال قائما ولا يزال هو الحل الوطني المنشود في ظل كل هذا التحشيد الطائفي، الذي تقوم به إيران ويقوم به نوري المالكي وحسن نصر الله وكل الطائفيين، الذين يواصلون التهديد والوعيد بأن المنطقة ستشهد حرباً "متدحرجة"، وزلازل وبراكين مدمرة إن تعرض بشار الأسد ونظامه لأي سوء.إن هذا هو الواقع، وهذه هي الحقيقة، لكن لتجنيب سورية ما يريد دفعها إليه الطائفيون الذين يواصلون النعيق لابد من أن تبقى الثورة السورية تتمسك بوطنيتها، ولابد من أن تبقى ترفض الانجرار إلى هذا المستنقع الآسن الذي تريده إيران ويريده أتباعها في العراق وفي لبنان وفي سورية نفسها وفي المنطقة العربية كلها والأقليم كله.
أخر كلام
إنهم يريدونها حرباً طائفية!
05-12-2011