هل للفساد علاج؟

نشر في 15-10-2011
آخر تحديث 15-10-2011 | 00:01
No Image Caption
 أ.د. غانم النجار منذ عدة سنوات هزت المجتمع السياسي البريطاني فضيحة مست مجموعة مرموقة من نواب البرلمان، فحوى الفضيحة تتلخص في أن أولئك النواب كانوا يقبضون رواتب مجزية من شركات كبرى مقابل عضويتهم في اللجان البرلمانية ذات العلاقة بنشاط تلك الشركات.

تحرك البرلمان بسرعة فائقة وشكل لجنة للتحقيق في المسألة التي تجاوزت مجرد عضوية اللجان المتخصصة الى التحقيق في اتهامات بأن بعض النواب يقبضون أموالاً مقابل تقديم أسئلة برلمانية مدفوعة الأجر.

وتم تقديم نتائج تقصي الحقائق الى لجنة شكلها البرلمان من خارجه برئاسة قاض يدعى لورد نولان لوضع أسس المعالجة للخروج من المأزق وبالتالي استعادة الثقة المفقودة بالسياسيين.

قام لورد نولان بدراسة الموضوع من كل جوانبه لمدة زادت على سنة، ثم قدم تقريراً من ثلاثة أجزاء يطرح فيه المشكلة واقتراحات بحلول لها، والتي كان من ضمنها إفصاح أعضاء البرلمان عن أية ارتباطات مالية مع أي شركات أو مؤسسات خاصة والتي تكون عادة تحت غطاء مهمات استشارية ومنع أي عضو من انضمامه لأي لجنة برلمانية لها علاقة بطبيعة نشاط الشركة التي يرتبط بها العضو. بالطبع إجراءات الحل كانت شاملة وأعادت شيئاً من الثقة للبرلمان، أقول شيئا من الثقة لأن السياسيين في المجتمعات الديمقراطية هم من أكثر المخلوقات غير الموثوق بها، أما في المجتمعات الدكتاتورية فالثقة بالسياسيين بالغصب.

إجراءات لورد نولان التي اعتمدها البرلمان لإصلاح نفسه لم تمنع من تفجر فضيحة اخرى في ذات البرلمان منذ أكثر من سنة عندما اتضح أن عدداً من البرلمانيين البريطانيين يستخدمون امتيازات متاحة لهم بطريقة لا أخلاقية، كأن يوظف أحدهم ابنه ضمن سكرتاريته المدفوع أجرها من المال العام، وهو في واقع الأمر يواصل دراسته العليا في الجامعة. كيف كان رد الفعل بعد إثارة الفضائح في الصحافة؟ اعترف المخالفون بمخالفاتهم وأعادوا الأموال التي أخذوها دون وجه حق وتبع ذلك اعتذارات تركز أغلبها على الجهل بالإجراءات. وعلى كل حال لم تكن المبالغ في أعلاها تتجاوز عشرات الآلاف وفي أدناها بضعة مئات من الجنيهات الإسترلينية.

إذاً الفساد ظاهرة مستمرة لا تتوقف، وهي موجودة في كل المجتمعات دون استثناء. وبالتالي فإن المشكلة ليست في وجود الفساد ولكن كيف يتعامل كل مجتمع مع ذلك الفساد، ودرجة جديته في الإصلاح.

لذا وعلى الرغم من كل ما يبدو من حراك شعبي لإصلاح تداعيات فضيحة الإيداعات المليونية أو "نواب غيت" فإنني أقر بصعوبة الوصول الى نتائج مفيدة تنعكس على الحد من الفساد الذي تنوء بحمله البعارين، أما لماذا يا هذا فسنجيب عنه لاحقاً.

back to top