شباب 16 سبتمبر وجماعة «نهج» الذين تجمعوا الأربعاء الماضي هم أمل الكويت للخروج من بئر الفساد العميقة، وبغير مثل تلك التجمعات وممارسة الرفض للسياسات الحكومية ستستمر الدولة في الغيبوبة وحالة اللااكتراث لما يحدث من فوضى الهبش والفساد المعمم في جل مرافق الدولة ومن غير استثناء.

Ad

حركة الشباب لم تطالب بميزات مادية من الدولة، ولم يدع الشباب إلى تحسين أوضاع فئات معينة في الدولة، كما حدث في الإضرابات الأخيرة، الشباب ارتفعوا بندائهم للتغيير في بنية السلطة وتركيبتها، فهي المسؤولة بداية ونهاية عن حالة فلتان الفساد في السنوات الأخيرة.

المطالبة بالإمارة الدستورية والدائرة الواحدة ونظام القوائم واستقلالية القضاء، يرى بعض النواب المخلصين أنها مُبالغ فيها، وأنها تتجاوز سقف التوافق السياسي بين السلطة الحاكمة والمعارضة، وربما في ذلك «بعض» الصحة (وليس كل الصحة) في ما يتعلق بالإمارة الدستورية، رغم أن دستور الدولة قد نص في المادة السادسة على «أن نظام الحكم ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات»، وبهذا وضع الأساس المفترض للإمارة الدستورية، ولبناء ديمقراطية حقيقية.

ولنقر الآن، أنه بعد خمسين عاماً على ولادة الدستور لم ترق الكويت لتصبح بلداً ديمقراطياً حقيقياً، ومنذ منتصف الستينيات، وإلى هذه اللحظة هناك تراجع واضح على صعيد الحريات، مع تغييب متعمد وجهل مركب لمفاهيم التنمية الحقيقية التي تدور وجوداً وعدماً حول تنمية الإنسان والفكر الإنساني، وليست هي مشروعات الأسمنت ومولات الاستهلاك، وأضحت الأسرة الحاكمة مع نخب تدور في فلكها تمسك بمفاصل الدولة من ألفها إلى يائها، وأضحى المال السياسي أداة استبداد وتشويه مرعب للوجه الديمقراطي، وبعض النواب اليوم وأيضا بالأمس وقبل التشكيلات الحكومية الأخيرة (كي نكون عادلين في أحكامنا) يمثلون الوجه الآخر للسلطة التنفيذية أو يعارضونها بالتافه من قضايا الدولة، وهم لا يقبضون دائماً من الداخل، فقد يدفع لهم من خارج حدود الدولة، فهم ليسوا نواب ضمير الأمة بل نواب فساد الذمة.

لم يكن هناك حاجة كي يتحرك شباب 16 سبتمبر لو أنهم وجدوا من ينصت لهم، ولما بالغوا مطالبين بشعبية منصب رئاسة الوزراء وهو أحد تجليات الإمارة الدستورية، لو أن السلطة سبقتهم وأصلحت من أمرها وأمر الناس الذين تحكمهم، لكنها لم تفعل، فلهم كل العذر في ذلك.