مشكلة القبول الجامعي... البحث عن حلول
مشكلة القبول الجامعي، كما ذكرنا سابقاً، ليست سوى مظهر أو نتيجة من نتائج فشل الحكومة في وضع خطة تنموية طويلة المدى ينبثق عنها سياسة تعليمية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بسياسات استثمار الموارد البشرية وتنميتها.بكلمات أخرى، مشكلة القبول ليست سوى نتيجة طبيعية لسوء الإدارة الحكومية وغياب التخطيط الاستراتيجي الذي ينظر إلى السياسات العامة بشكل تكاملي؛ بحيث يؤثر كل منها بالآخر ويتأثر به؛ لأنه من المستحيل عزل أي سياسة عامة والتعامل معها كوحدة منفصلة لا علاقة لها بالسياسات العامة الأخرى السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
خذ، مثالاً لا حصراً، مشكلة القبول الجامعي والعدد السنوي للخريجين، حيث إن لهما علاقة مباشرة بمشكلة البطالة التي بدأت تنتشر بين صفوف الخريجين، والتي من المرجح جدا أن ترتفع معدلاتها في السنوات القليلة القادمة.من هنا، فإن التعامل السليم مع مشكلة القبول الجامعي الحالية يتطلب التالي:1- إعادة نظر جذرية في خطة التنمية المزعومة بشكل عام، وفي ما يتعلق في التنمية البشرية بشكل خاص، حيث أثبت الواقع العملي عدم صحة وواقعية ما جاء في تلك «الخطة « التي بدأ تطبيقها في أبريل 2010. 2- مراجعة شاملة وجذرية لمجمل السياسات الحكومية وتأثير كل منها في الآخر، على أن تشمل هذه المراجعة أسلوب عمل الحكومة، وكيفية إدارتها للشأن العام ومدى قدرتها على مواجهة التحديات والمشاكل العامة التي يواجهها المجتمع.3- البحث عن حلول عاجلة لمشكلة الطلبة الذين لا تستطيع مؤسسات التعليم العالي قبولهم هذا العام لأسباب تتعلق بطاقاتها الاستيعابية مع التأكيد هنا على ضرورة الابتعاد عن التدخل السياسي المباشر، سواء من قبل الحكومة أو مجلس الأمة، في عمل مؤسسات التعليم العالي، إذ إن التدخل السياسي في العمل اليومي لهذه المؤسسات التي تعمل على ضوء معايير أكاديمية عالمية سيفقدها استقلاليتها ويؤثر تأثيراً بالغ السوء في مخرجاتها التعليمية، وهو الأمر الذي سيحولها إلى «دكاكين» تعليمية لا تختلف تماماً عن «دكاكين» التعليم الخارجية التي نطالب جميعا بعدم الاعتراف بها.4- تضافر الجهود كافة لإيجاد حلول عملية وواقعية وسريعة لمواجهة مشكلة القبول الحالية بما في ذلك التوسع بنظامي الابتعاث الخارجي والداخلي وبحث إمكانية زيادة ساعات التدريس بشكل تطوعي ولمدة محدودة لمن يرغب من أعضاء هيئة التدريس، حتى لو تطلب الأمر اقتطاع يوم من الإجازة الأسبوعية ليكون يوم عمل عادياً، والتفكير الجدي بإمكان إلغاء، أو على الأقل، تجميد العمل لمدة عامين بالقانونين 24/1996 و34/2000 اللذين يمنعان التعليم المشترك، على أن يتم خلال هذه المدة تقييم موضوعي ومحايد للآثار والنتائج التي ترتبت عليهما، وما إذا كان لذلك علاقة مباشرة بمشكلة القبول الجامعي الحالية.وهنا لعله من المفيد أن نذكر مرة أخرى بنقطتين مهمتين: الأولى أن السماح بالتعليم المشترك ليس معناه عدم السماح بالتعليم المنفصل لمن يرغب في ذلك.أما النقطة الثانية فهي أن طلبتنا في الخارج، سواء المبعوثون أو من هم على نفقتهم الخاصة، يتلقون تعليمهم في جامعات عريقة تعمل بنظام التعليم المشترك الذي ينص القانونان السالفا الذكر على منعه في الكويت!من المؤلم حقا ألا يجد خريجو الثانوية العامة المتفوقين مقاعد دراسية في مؤسسات التعليم العالي في بلد نفطي ثري جداً عدد سكانه لا يتجاوز 1.3 مليون وميزانيته السنوية 19.5 مليار دينار، ناهيكم عن ميزانية خطة التنمية المزعومة البالغة 37 مليار دينار، لكن المطلوب الآن هو البحث عن حلول عملية وسريعة.