يبدو أن الحكومات السابقة، خصوصاً آخر حكومتين، فهمت اللعبة خطأ، فبدلاً من أن تلعب سياسة وفقاً لما هو متاح في عالم السياسة وفي حدود المألوف، نجدها لعبت لعبة خطرة وعبثت بالدستور وبشكل خارج عن المألوف.

Ad

فعلى الرغم من أن هذه الحكومات ليس لها إنجاز يذكر، وهذا وحده كفيل بعدم بقائها، فإن القشة التي قصمت ظهر البعير، بل الحجرة التي وقعت على رأس الحكومة الأخيرة وقضت عليها، هي شطب استجواب النائبين السعدون والعنجري معتمدة بذلك على نوابها الموالين، ومستغلة حقها بالتصويت ومتذرعة بتفسير المحكمة الدستورية وبشكل مستفز، والذي أدى إلى غضب وحراك شعبيين لم تشهد مثلهما البلاد من قبل.

هذا الاستفزاز لم يكن الأول من نوعه، فقد بدأ بالتغيب عن الجلسات بهدف إسقاط حصانة النائب فيصل المسلم، وظهور كتلة "إلا الدستور" واجتماعاتها بحضور شعبي، والتي نتج عنها أحداث ديوانية النائب الحربش المؤسفة.

لذلك يُهيأ لي أن مستشاري الحكومة قد زينوا لها هذا المسلك، وأوحوا لها أن باستطاعتها فعل ما لم تستطع فعله جميع الحكومات السابقة منذ بداية الحياة البرلمانية في الكويت مروراً بفترتي حل غير دستوريين، وما صاحبهما سواء لجنة تنقيح الدستور أو المجلس الوطني.

وتفتق ذهنهم عن أن من الذكاء إبقاء واستمرار الحياة البرلمانية بالعمل على خلق أغلبية برلمانية موالية بأي ثمن! واستغلال كل ما يمكن استغلاله من ثغرات دستورية أو لائحية في مجلس الأمة لتفعل ما يحلو لها دون الحاجة إلى حل غير دستوري أو تنقيح للدستور!!

وتناست، أو تجاهلت، الحكومة ومستشاروها ما قد يخلقه هذا النهج من حنق وغضب شعبيين خصوصاً في ظل أداء حكومي سيئ يعني "فوق الشين قواة عين".

إن الأحداث الأخيرة التي مرت بها البلاد كان استمرارها حتما سيؤدي إلى الانزلاق نحو المجهول لولا حكمة صاحب السمو أمير البلاد- حفظه الله- وتدخله في الوقت المناسب الذي نزع فتيل أزمة ومنع فتنة، وأبعد شراً مستطيراً عن البلاد والعباد.

لذلك على أي حكومة قادمة ألا تكرر أخطاء الماضي، وألا تحاول تكرار العبث بالدستور، ليس هذا فحسب، بل عليها أن تعي أن الشارع والقوى الشبابية أصبحا مراقبين يقظين لأدائها، فلن يقبلا استمرار مرحلة "اللا إنجاز".

ولعل من أهم الاستحقاقات التي ستواجهها الحكومة المقبلة فور تشكيلها هو إنجاز حزمة قوانين مكافحة الفساد كقانون الذمة المالية وتعارض المصالح، فمن غير المقبول ختام دور الانعقاد الأول، وإن كان قصيراً زمنياً، دون الانتهاء من تلك القوانين، كما أن أمامها تحدياً كبيراً لصنع فارق واستعادة ثقة رجل الشارع بها.

أما إذا استمرت الحكومة القادمة على نهج سابقاتها، واستمر مستشارو "العازة" معها واستمرت استشاراتهم الكارثية، فـ"لا طبنا ولا غدا الشر"! والسعيد من يتعظ بغيره.