كان الكويتيون جميعاً ينتظرون موعد افتتاح كل دور انعقاد جديد لمجلس الأمة الكويتي بفرح، ويعتبرونه أحد الأيام الجميلة التي يفاخرون بها، لكن افتتاح المجلس هذه المرة يأتي في ظروف عاصفة، وأجواء ملبدة بالغيوم السوداء الثقيلة، الجميع يترقب ماذا سيحدث في الجلسة الأولى... كيف سيكون النطق السامي، وما الذي سيحتويه من توجيهات لانتشال البلد من الاحتقان والشحن في كل الاتجاهات، بعض الأعضاء قد أعلنوا أنهم سيقاطعون الجلسة بعد انتهاء المراسم الأميرية، والبعض الآخر توعد بتقديم استجواب لرئيس الحكومة، وآخرون قد يستغلون النقل المباشر للجلسة بتفجير قنابل إعلامية، ومحاولة الرد على الذين هاجموهم خلال الفترة الماضية، بل ذهب البعض إلى أسوأ التوقعات، فبدأ يتكلم عن "هوشات" متوقعة بين النواب واستعداد نفسي لتدمير المعبد على من فيه... لهذا كله فإن الجلسة القادمة لافتتاح دور الانعقاد القادم لن تكون كسابقاتها لا بالشكل ولا بالمضمون.

Ad

ولن ينتهي الأمر عند تلك الجلسة ولو انتهى عندها لهان الأمر، فجلسة واحدة تمر وتنتهي ويمكن تجاوزها وإلغاؤها من حساب دور الانعقاد، لكن المشكلة في ما بعدها من قابل الأيام، فالأمور سائرة إلى تعقيد وإلى وعيد وتهديد، وعناد ومكابرة، وشد وجذب، وحساب عسير، وعمل مرير... أنا لا أدعو إلى التشاؤم لكن البعرة تدل على البعير، والمكتوب يقرأ من عنوانه، فكل المؤشرات تدل على هذا الاستنتاج، وكل الحسابات تؤدي إلى هذه النتيجة... والله يستر.

***

استقالة الشيخ محمد الصباح خسارة كبيرة بلا شك، وقد زاملته في الوزارة التي كنت فيها وزيراً للمواصلات ووزير دولة لشؤون مجلس الأمة فوجدت فيه الحكمة والتأني، والعزم والحزم، والدبلوماسية التي لا تقبل بقطع شعرة معاوية مع أي طرف سياسي، يدعو للحوار ويؤمن بأن كل مشكلة ولها حل... إذا تكلم انتقى كلماته، وإذا سكت انشغل بأفكاره، دمث الخلق، طيب المعشر، متواضع مع عزة، ورث ذلك عن أبيه وعن جده... وكنا نتمنى لو أنه استمر في الحكومة لكننا نحترم قراره ونتمنى له التوفيق والنجاح.