الناس قاطبة في انتظار إصلاحات سياسية جذرية تعيد الاعتبار إلى دولة الدستور، فالكرة الآن في ملعب الأغلبية البرلمانية التي سيكون بوسعها تنفيذ أولوياتها؛ آخذة في الاعتبار أن الشعب الذي أسقط حكومة سابقة وطالب بحل مجلس سابق ثم انتخبها، سيكون حسابه عسيراً لها ما لم ير خطوات عملية وسريعة في اتجاه إصلاح سياسي شامل.

Ad

كما كان متوقعاً فقد حقق نواب معارضة الحكومة السابقون أغلبية برلمانية مكّنتهم من السيطرة على مكتب المجلس وأغلبية اللجان البرلمانية، والسؤال الملح الآن هو: ثم ماذا؟!

هل ستعمل الأغلبية البرلمانية على تحقيق ما كانت تدعو إليه، أو بمعنى أكثر دقة ما كان الشعب الكويتي يدعو إليه، وهو تحديداً تطبيق الدستور كاملاً، والإصلاح السياسي والديمقراطي، ووقف الفساد ومحاكمة منظومته التي بذّرت مقدرات الدولة، وعبثت في النسيج الاجتماعي من أجل مصالحها الخاصة، أم أن كتلة الأغلبية ستنشغل وتشغل الناس معها في خلافات هامشية وفي قضايا ثانوية ما سيعيدنا إلى المربع الأول، وسيثير الغضب العارم للناس، خصوصا الشباب الذين خرجوا بالآلاف إلى الساحات العامة مطالبين بالإصلاح السياسي الجذري والشامل؟

إن تحديد أولويات العمل البرلماني في الفترة القادمة والتركيز على القضايا الأساسية التي تحظى بدعم شعبي سيكون بداية العمل الصحيح، لكن هذه الخطوة ستكون قاصرة إن بقيت حبراً على ورق فقط، كما حصل في مرات سابقة!

الناس قاطبة في انتظار إصلاحات سياسية جذرية على أرض الواقع تعيد الاعتبار إلى دولة الدستور والمؤسسات والقانون، والكرة الآن في ملعب الأغلبية البرلمانية التي سيكون من السهل عليها تنفيذ أولوياتها، آخذة في الاعتبار أن الشعب الذي أسقط الحكومة السابقة وطالب بحل المجلس السابق ثم انتخبها لتشكّل الأغلبية البرلمانية سيكون حسابه عسيراً لها إن لم ير خطوات عملية وسريعة في اتجاه الإصلاح السياسي الشامل.

وفي هذا السياق، فإنه من المفترض أن تسمّي كتلة الأغلبية ناطقاً رسمياً باسمها، وتحدد جدولاً زمنياً للقضايا العامة التي ستقوم بتبنيها وطرحها في المجلس؛ على أن تتوافر شفافية كاملة في جميع أعمالها، وهو الأمر الذي سيطور من العمل البرلماني ويجعله عملاً مؤسسياً بدلاً من الفردية الصارخة التي يتسم بها عمل الأعضاء في المجالس السابقة.

قصارى القول إننا نعيش مرحلة حرجة عالمياً وإقليمياً وداخلياً، علاوة على أن التغييرات الجوهرية التي جرت وتجري في الدول العربية لابد أن تلقي بظلالها على وضعنا المحلي، وهو ما رأينا انعكاسه الإيجابي على الوعي العام، وعلى شكل الحراك الشعبي الذي سبق زمنياً الربيع العربي، لكنه تأثر به، مما جعلنا نلمس تطوراً إيجابيا في العمل الشعبي فرض من خلاله الشعب إرادته باعتباره مصدراً للسلطات جميعاً، وهو الأمر الذي يجعل الأغلبية البرلمانية أمام مسؤولية وطنية كبيرة ستكون لها تداعياتها على مستقبل العمل السياسي والديمقراطي في وطننا.

فهل تتمكن الأغلبية البرلمانية من إخراجنا من الأزمة السياسية المستمرة التي أرهقت الجميع أم أنها ستعمق هذه الأزمة؟ هذا ما ستجيب عنه الأسابيع والأشهر القادمة.