العنوان أعلاه لكتاب من تأليف الكاتب الأميركي السابح ضد التيار جون ليدرر، والأمة المقصودة في كتابه الصادر سنة 1961 هي الأمة الأميركية. توفي ليدرر سنة 2009 عن عمر ناهز 97 عاماً أنجز فيها العديد من المؤلفات والمسرحيات وغيرها، كان أبرزها وأشهرها ربما كتابه المعنون «الأميركي البشع» الصادر في عام 1958.

Ad

منذ سنوات طويلة قرأت ترجمة عربية لـ«أمة من الغنم» حتى قبل قراءتي لـ«الأميركي البشع»، لم تكن الترجمة بالمستوى المطلوب، لكنها لاشك دفعتني إلى قراءة النسخة الإنكليزية، وقد علمت أن ترجمة عربية حديثة ظهرت للكتاب إلّا أني لم أطلع عليها.

عندما حطت قدمي على الأراضي الفيتنامية تذكرت دون تردد «أمة من الغنم» إذ إن الكتاب كان يركز على كيفية تلاعب الإعلام والساسة الأميريكيين بعقول الناس لتمرير ما يريدونه من سياسات، بل إن احد المشاهد المذكورة في الكتاب كانت تتحدث عن كيفية اختراق الفييتكونغ للاستخبارات الأميركية لدرجة ان الفيلم التدريبي الذي كان يشاهده أي أميركي قبل وصوله إلى فيتنام كان يتضمن بعض الفيتناميين يتحدثون عبر مترجم ينقل صورة مغايرة لما يقوله المزارعون الذين كانت تجرى معهم مقابلات لتوضيح طبيعة المخاطر التي ستواجه العاملين الجدد.

ولم تدرك السلطات الأميركية حقيقة محتوى ذلك الفيلم الا بعد أن شاهده بالمصادفة أحد الفيتناميين المؤيدين لأميركا، فلم يصدق أذنيه واعتقد في بداية الأمر انها ليست إلّا دعابة.

إلّا أن المسؤولين الأميركان أكدوا له أن عشرات الآلاف من الأميركان العاملين في فيتنام اعتمدوا بشكل أساسي في تدريبهم على ذاك الفيلم، كما تطرق الكتاب الى التضليل الإعلامي الذي ربما يحول الناس إلى أمة من الغنم.

منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا مرت مياه كثيرة تحت الجسور الفيتنامية. إنها حكاية قديمة جديدة لكيف تبدأ الثورة وإلى أين تصل أو أين لا تصل، وهي ربما تكون مفيدة لمن يريد أن يلوي عنق الثورات العربية ويطالبها بما لا تستطيع حتى أن تقدمه كمن يطلب من طفل يحبو أن يقف على قدميه ويلمس السقف بيديه.

لو كان مصطلح أمة من الغنم قد تم تداوله قبل بزوغ فجر الثورات العربية، لربما كان ينطبق على أمتنا العربية لخنوعها وجمودها واستكانتها لحكام لا إصلاح وراءهم، ولكن مادام الحراك الشعبي العربي قد انطلق من قمقمه، فلا أظن أن وصفاً كذلك يمكن القبول به، اللهم إلا عند بعض مثقفينا وسياسيينا الذين أعجبتهم تلك الحالة الراكدة فاستكانوا لها ومازالوا يصرون كما يبدو على التعامل مع الشعوب العربية على أساس أنهم أمة من الغنم، ولاحول ولا قوة الا بالله.