لا أتمالك نفسي عن الضحك كلما تذكرت حديث ذلك الرجل عن تلك السيدة السياسية، وهو محق في قوله: «صاحبتنا جميلة على الورق فقط، فهي فارعة الطول، حلوة القوام، شقراء، لا ندوب في وجهها ولا تشوهات، ووو، لكنك ما إن تُبعد الأوراق جانباً وتشاهدها على الطبيعة حتى تكتشف دمامتها».

Ad

كذلك هي الكويت، ديمقراطية، تحتكم إلى دستور رائع (هو رائع إلا ربع)، تملك مالاً يُبكي قارون،عدد سكانها لا يكاد يُرى بالعين المجردة، فيها جمعيات نفع عام ونقابات وتيارات سياسية، ووو، ومع ذلك هي قمعية، وحكومتها فاسدة، ومرافقها ومبانيها وشوارعها تُقرف الكلاب الضالة، وجمعياتها ونقاباتها وتياراتها على كفالة الحكومة، إلا من رحم ربي...

نحن ابتلينا بحكومة تغرق في شاطئ المنقف، وعلينا أن نقول إنها بطلة الأولمبياد، وأن نقسم أيماناً مغلظة أنها توغلت في البحر سباحة على الظهر، وإلا فنحن مؤزمون ننفذ أجندات الروم.

ولطالما تحدث صاحب السمو الأمير، في رمضان وغير رمضان، بلسان المواطنين، ولطالما أملى أوامره على الحكومة، التي يحكم من خلالها، كما ينص الدستور، ولا حياة لمن تنادي.

كان سموّه قد أمر الحكومة، منذ سنوات، بالسعي إلى تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، وها هي الكويت «شوفة عينك»، وكان سموه قد أمر بتطبيق القانون على الكبير قبل الصغير، وها هي الأمور أمامكم، وسأدع ضميركم هو من يجيبكم إذا كان هذا قد تم أم ازداد التلاعب، وكان سموه قد أمر بالمحافظة على الدستور وتطبيق مواده، فألقت الحكومة بالدستور في غرفة المخزن حتى كساه الغبار، والأهم أن صاحب السمو الأمير كان قد أمر بمكافحة الطائفية والعنصرية والمحافظة على الوحدة الوطنية، فإذا الطائفية والعنصرية تعيش أحلى مواسمها، ولطالما حذر سموه من تفشي الفساد، فإذا بالفساد ينتشر في أصقاع البرلمان والحكومة دع عنك بقية مؤسسات الدولة، وليس ما نشرته جريدة القبس قبل أيام إلا دليلاً واحداً ظهر على السطح من بين أكوام الفساد التي لا تزال مخبوءة في قاع المحيط.

حكومتنا ونعرفها، خبز أيدينا، وصدق من قال: «ولا ترجى السماحة من بخيل، فما في النار للظمآن ماءُ».

واليوم يأمر سموه بتشكيل هيئة لمكافحة الفساد، وستطبق الحكومة أوامر سموه بالصورة فقط، كالعادة، وستشكل هيئة، وستسند رئاستها إلى وزرائها ونوابها المخلصين، فمثلا يتولى علي الراشد منصب رئيس الهيئة، وستكون د. سلوى الجسار هي مساعد الرئيس، أما أمانة الصندوق فستُسند إلى النائب سعد خنفور، وستوكل مهام أمانة السر إلى النائب خالد العدوة، على أن يكون «أمين سر المقاومة» الشيخ علي الخليفة رئيسها الفخري.

وستظهر الحكومة على الفضائيات وهي تشبك أصابع يدها اليمنى في أصابع اليسرى، وتتحدث كما يتحدث البروفيسور أمام طلبة الجامعة: «دستور؟ عندنا ولله الحمد... لجنة استشارية مالية؟ موجودة... لجنة الوحدة الوطنية؟ ها هي... مجلس تخطيط؟ تفضلوا... هيئة مكافحة الفساد؟ أنشأناها... فلماذا تضعون العصا في دولاب الحكومة؟

فيتمتم الشعب ويغمغم: البلاء كله في دولاب الحكومة يا حكومتنا العظيمة.