ما قل ودل: كان تداول السلطة مستحيلا ديمقراطيا في مصر

نشر في 09-10-2011
آخر تحديث 09-10-2011 | 00:01
No Image Caption
 المستشار شفيق إمام قلت في مقال نشر لي على هذه الصفحة في 21/8/2011 تحت عنوان "في اختيار فرعون مصر" وفي مقال ثان في 28/8/2011 تحت عنوان "الثمن الذي دفعته مصر لإصلاح سياسي زائف" وفي مقال ثالث في 18/9/2011 تحت عنوان "الأحزاب المصرية وانتخابات الرئاسة"، إن مصر دفعت ثمنا باهظا هو إلغاء الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات من أجل إصلاح سياسي زائف، وهو انتخاب رئيس الجمهورية بين عدد من المرشحين، وليس الاستفتاء على مرشح واحد، وأن الأحزاب الهشة في مصر قد ابتلعت الطعم في انتخابات الرئاسة عام 2005.

المراهقة الديمقراطية

وكان للدكتور عبدالمنعم السعيد عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم ورئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام رأي في اختيار الرئيس في أول انتخابات تنافسية على رئاسة مصر، نشرته له صحيفة الأهرام تحت عنوان "اختيار الرئيس" في عددها الصادر في 29/8/2005، تعجب فيه من الكتابات المطولة لرفض انتخاب الرئيس حسني مبارك، لأنها تخلو من الحديث عن فضائل غيره من باقة المرشحين لانتخابات الرئاسة، وأن أفضل اجتهاداتهم هو تعريف ما يرفضون لا تعريف ما يفضلون، واعتبر ذلك نوعاً من المراهقة الديمقراطية، عندما يكون السير في طريق النضال الديمقراطي، أوله مقاطعة للمسيرة، وآخره تعريف الديمقراطية في مصر بأنها النظام السياسي الذي يخلو من الرئيس مبارك.

مهاترة وليست مناظرة

وهو ما وصف به د. عبدالمنعم سعيد الأمر بأن يبدأ بالرئيس مبارك وينتهي به وبتاريخه وسجله وقدراته دون مقارنة بتاريخ وسجل وقدرات الآخرين، فقال في وصف الحالة المصرية إن العملية السياسية كلها تنتهي من كونها مناظرة لكي تصبح نوعاً من المهاترة، يأباها أصحاب الضمير السليم.

حق الاختلاف

ويقول د. عبدالمنعم سعيد إن حق الاختلاف، هو الذي يجعله يقوم باختيار الرئيس مبارك والحزب الوطني، لأنه الحزب المصري الوحيد الذي تستطيع الاختلاف داخله، دون أن يتم فصلك أو التنديد باعتبارك خائناً للالتزام الحزبي أو حتى للوطن كله.

واستدل على ذلك بتصويت عدد من أعضاء الحزب الوطني الحاكم في مجلس الشورى، ضد التعديل الدستوري.

ليس المعيار الوحيد

ونفى أن تكون القدرة على الاختلاف مع الرئيس مقارنة بأقرانه معياراً وحيداً، إنما المعيار الذي لا يقل أهمية هو القدرة على حمل راية الإصلاح السياسي والاقتصادي؛ حتى نصل بالمجتمع المصري إلى غايات المجتمعات المتقدمة.

وفي عملية الإصلاح يقول د. عبدالمنعم سعيد، إنها عملية تحتاج إلى قرارات صعبة بل بالغة الصعوبة، فإن القضية ليست فقط القدرة على اتخاذ القرار، إنما القدرة على تنفيذه، والقدرة على تحقيق الإجماع القومي حوله، وإلا لما زاد الأمر على كونه نوعاً من التبشير الفكري.

تجارب المرشحين الآخرين

ثم يستطرد فيقول: إنه في البلدان الديمقراطية يكون واحداً من معايير اختيار رئيس الجمهورية القدرة على الإنجاز، بمعنى أن يكون للمرشح تجربة وحيدة على الأقل في أنه نجح في نقل مجتمع، مدينة أو حزب أو محافظة أو جماعة أو حتى فكرة من حالة إلى حالة نتيجة جهود أو سياسات المرشح أو حزبه أو أنصاره السياسيين.

ويطرح د. عبدالمنعم سؤالاً بسيطاً وساذجاً، ولكن في الوقت ذاته هو مكمن الخطر في اختيار الرئيس، ذلك السؤال هو: هل يوجد من بين المرشحين الآخرين من داخل الحلبة أو خارجها ممن يكون القول إن له من الإنجازات التاريخية أو غير التاريخية ما يطاول إنجازات مبارك، بحيث يكون التقييم بين جميع المرشحين والمحاسبة واحداً، وليس تفضيل معيار واحد لشخصية سياسية واحدة بينما ترفع عن الآخرين أي محاولة للوضع على محك التقييم والتقدير؟

ويدلل على عدم وجود الشخص المؤهل لمنافسة رئيس الجمهورية بتجربة الرئيس في الأمن القومي، وكأنه يطالب بأن يكون المرشح للرئاسة رئيسا سابقا، وهو يعلم علم اليقين بأنه لا وجود لرئيس سابق نفاضل بينه وبين الرئيس حسنى مبارك خاصة في قضية طرحها هي تجربة الرئيس في الأمن القومي.

تجربة الرئيس في الأمن القومي

يقول إن أهم المعايير في المحاسبة والتقييم المشترك، تلك المتعقلة بالأمن القومي والحفاظ على الوطن وسلامة أراضيه ضد الأعداء الخارجيين والأعداء الداخليين.

ومن خلال هذا المعيار يقرر د. عبدالمنعم سعيد أن الرئيس مبارك يتمتع بأفضلية على غيره من المرشحين للأسباب الآتية:

1- هو الرجل الذي كان قادراً على اتخاذ قرار الحرب لتحرير دولة الكويت.

2- وهو الرجل الذي كان قادراً على رفض قرار الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية على العراق في عام 2003.

3- ولهذا أصبح الرجل القادر على اتخاذ قرار السلام دون أن يتنازل قيد أنملة عن الحقوق القومية المشروعة.

والدكتور عبدالمنعم سعيد يعلم أكثر من غيره أن القرارات التي اتخذها الرئيس المخلوع هي قرارات سيادية تصب في الأمن القومي وهي إحدى مسؤوليات رئيس الدولة لا مسؤولية غيره ممن أسماهم باقة المرشحين للرئاسة، بما يجعل تداول السلطة في رئاسة مصر أمرا مستحيلا، وهكذا كان الاستخفاف بعقول الشعب المصري، في الإعلام القومي، من كبار المفكرين، ليظل رئيس مصر كما كان فرعونا وإلها يعبده الفراعنة.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.

back to top