أحرقت السفارة... ثم ماذا؟!
![تركي الدخيل](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1491377907467332200/1491377907000/1280x960.jpg)
ربما كان- من الطرائف- أن يكون الحاضر الأبرز في هذا الاعتداء استذكار فيلم عادل إمام «السفارة في العمارة» حينما كان «شريف خيري» رمز الصمود! نفس المشهد تقريباً، مع أن الفيلم كان كوميدياً للغاية، بينما الحدث الأخير جاء مؤلماً لجميع المحبين للشعب المصري، تخيلوا أن يجرح قرابة الـ1000 مصري، بسبب اعتداء على السفارة الإسرائيلية، مع أن الشعب يمكنه أن يحقق ما يريد سلمياً من خلال الاقتراع والمؤسسات والنظام والبرلمان. أمام المصريين اليوم لحظات حسم لا تحتمل المجازفة، لأن الانفلات أو التشابك مع رجال الأمن أو إهانتهم يعني انهيار- لا سمح الله- ما بُني خلال الأشهر الماضية. ليواجه المصريون استحقاقاتهم الانتخابية وليبدأوا بناء بلدهم وليجندوا طاقاتهم لصياغة أي ملاحظة على أي اتفاق قائم من خلال المؤسسات فقط، لا من خلال الإغارة والغزو والتخريب وكسر الأبواب. حين كنس الثوار الشوارع بعد الثورة كنا نشاهد صورة جميلة، ولكن حين رأينا آخر الأحداث سواء الاعتداء على رجال الأمن وخلع قبعاتهم، أو التحرش بسفاراتٍ عربية أو بالاعتداء على السفارة الإسرائيلية شعر المتابع لأول وهلة أن الثوار يريدون العراك مع كل العالم من خلال إبقاء «إرث الثورة» في النفوس!يعلق أحد الكتاب- الأستاذ حمد الماجد- بعبارة جميلة حين قال إن بعض الثوار يمارس «الدلع الثوري» وصدق، إذا كانت الثورة قد نجحت وحققت هدفها الرئيسي برحيل حسني مبارك، ومن ثم حوكم وأتي به على سريرٍ أبيض هو وولديه، فلماذا العبث بالعلاقات التي تربط مصر مثلاً بالخليج أو بأي دولةٍ أخرى باسم إتمام مسار الثورة؟ هل مسار الثورة أن يحقق كل شخصٍ مراده؟ وهل يمكن للحقد أو الإرث النفسي أن يتحكم بالتصرفات التي كان من المفترض أن تكون مدنية متطورة في رؤيتها للأمور؟!لتبدأ مصر من جديد من خلال بناءٍ أساسي بعيداً عن محاكمة الداخل والخارج، وبعيداً عن منطق القصاص والانتقام، هذا ما نوده للشعب المصري الحبيب!