دون الدخول في تعريفات نظرية وخلافات أكاديمية حول مفهوم "الثورة المضادة" يمكن تعريفها ببساطة بأنها "كل قول أو فعل يهدف إلى أو يؤدي إلى الانتقاص من مكاسب الثورة أو خروجها عن طريقها المرسوم والمأمول".

Ad

 وخلافا لقوانين نيوتن الفيزيقية التي تساوي بين قوة الفعل ورد الفعل فإن الثورة المضادة لا تملك ذات القوة المادية للثورة، ولكن الأثر المعنوي الذي تسببه قد يكون أكبر تأثيرا وأشد ضررا، كما أن الثورة المضادة ليست قوة واحدة بل هي، عادة، عدة قوى تعمل جميعا- بارتباط وتخطيط أو بدونهما- على الانتقاص من مكاسب الثورة ومنعها من تحقيق أهدافها.

لو نظرنا إلى ثورة يناير المصرية لوجدنا أن الثورة المضادة لها تشمل عدة قوى مختلفة: 

أولا: أفراد النظام السابق، وهم ما اتفق على تسميتهم "فلول النظام"، والذين قامت الثورة أصلا للتخلص منهم، فمن الطبيعي والبدهي– نظرا للغريزة البشرية الإنسانية- أن يكونوا أول قوى الثورة المضادة التي تسعى إلى محاربتها.

ثانيا: الجماعات المستفيدة من النظام السابق وهؤلاء ليسوا أفرادا بعينهم أو أشخاصا بأسمائهم– كالقوة السابقة- ولكنهم جماعات المرتشين والفاسدين في جميع المجالات والمؤسسات، ومنهم "البلطجية" والتي كانت تستغل المناخ الفاسد الذي زرعه النظام السابق لتحقيق مكاسبهم، وهؤلاء أكثر عددا وأوسع انتشارا، وبالتالي أشد خطرا على الثورة من أفراد النظام السابق.

ثالثا: قوى خارجية كانت على علاقة طيبة ووثيقة بالرئيس المخلوع، وأسفت لرحيله أو مازالت غير مصدقة لما حدث، أو قوى تضمر حقدا وحسدا لمصر ولا تتمنى عودتها إلى مكانتها وريادتها، ومن ثم لا تتمنى نجاح الثورة وتعمل على إجهاضها.

رابعا: جماعات وأفراد لا ينتمون إلى النظام السابق ولا علاقة لهم به، ولكنهم يسعون إلى الاستفادة من الثورة بتحقيق مكاسب شخصية ومنافع ذاتية– دون النظر إلى أهداف الثورة الحقيقية– يرى البعض أن هؤلاء ليسوا من قوى الثورة المضادة، ولكن بالنظر إلى أنها تسيء إلى الثورة، وتسعى إلى تحويل مسارها من أجل منافع شخصية، فهم وبدون ارتباط مع غيرهم يشكلون قوة من قوى الثورة المضادة.

بالإضافة إلى ما سبق هناك أفراد من أبناء الثورة ذاتها ومؤيدون لها، ولكنهم حسنو النية، وكانوا يتوقعون نجاحا سريعا واستقرارا– لم يتحقق للآن- فبدؤوا يهاجمون الثورة لا رفضا لها ولكن سعيا إلى مزيد من السرعة والقوة.

كل هذه القوى تعمل سواء بتخطيط أو من دونه من أجل إجهاض الثورة، ولا سبيل أمام الثوار سوى الانتباه إلى خطرهم وتفويت الفرصة عليهم بالمزيد من الصبر والحوار والتعاون مع من ارتضوه لحماية ثورتهم، أما الوقوع في فخ الخلافات والمشاحنات فهذا أكثر ما تتمناه الثورة المضادة فهل نحققه لها؟! 

***

التظاهرة المليونية التي تمت في 8/7 تحت شعار "الثورة أولا" تؤكد نجاح شباب الثورة في تخطي الخلافات الضيقة والجدل العقيم حول الانتخابات أم الدستور أولا، كما تؤكد فهم الشباب وإدراكهم لمخاطر وألاعيب الثورة المضادة، فهنيئا لمصر شبابها الواعي ومستقبلها المشرق بإذن الله رغم أنف الحاقدين والحاسدين.

***

مشهد تمثيلي كروي: أعاد مشهد نهاية الدوري العام الكروي في مصر نهايات الأفلام الكوميدية في الخمسينيات، إذ ينجح البطل "النادي الأهلي" في إنقاذ حبيبته "درع الدوري" من براثن الشرير "نادي الزمالك" الذي كان يحتجزها طوال الموسم ويتزوج البطل بالبطلة مع ضحكات وفرح والدي العروسين (رئيس الأهلي– رئيس اتحاد الكرة) وسط أجواء من الفنتازيا الكوميدية لعبها صديقا البطل (لجنة المسابقات- لجنة الحكام). وكل عام وأنتم بخير.