استبرق: الخروج من النسوية
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
ما يميز استبرق أحمد هو أنها لا تنوب عن القارئ في الإسهاب في التفصيل، ولا تسلبه دوره في التقاط ما خلف العمل الأدبي، وهي أقرب في عملها الى التشكيلي من القاص، مع اختلاف المادة التشكيلية في الحالتين. وهي في نفس الوقت لا تمتلك أكثر من متعة التصوير، وهو تصوير متقطع سواء في داخل القصة أو خارج إطارها. والشتاء المتناثر بطقوسه الطبيعية بين برودته وصقيعه وتجمده ليس بالضرورة تصويرا طبيعيا للشتاء كفصل من فصول السنة وإنما لطقوس حياتية تقترب في حدتها من تفاصيل الشتاء المباغتة. لا أريد أن أتطرق لمجموعتها الأخيرة "تلقي بالشتاء عاليا" بشكل نقدي، فلا المقال يتسع لدراسة تفصيلية ولا الهدف منه هو شرح العمل أو تشريحه، وما أريد رصده هنا هو خروج العمل عن المألوف القصصي الذي اعتدناه لدى مجموعة من الكاتبات اللواتي سبقن استبرق حين كان الهم الأساسي هو تسجيل العلاقات الثنائية بين المرأة-الرجل والمرأة-المجتمع والمرأة-المرأة، وهي أعمال كانت مقبولة في بدايات العمل النسوي والحركة النسوية في الكويت.العمل القصصي الذي تعمل عليه استبرق ومجموعة من زميلاتها اليوم هو تجاوز مرحلة القص التثقيفي، والخروج من معادلة المرأة في المجتمع الذكوري الى دوائر التوحد مع الآخر، فلم يطغ الصوت النسوي على السارد، ولجأت القاصة الى ما يسميه فوكو "الفعل القصصي" بغض النظر عن جنس صاحب هذا الفعل. هذا التجرد من الخلفية الاجتماعية والتخلص من سطوة "الجندر" أو الجنوسة على النص ترك حرية متساوية لشخصيات العمل في الفعل وردة الفعل دون انحياز واضح لشخصية أو أخرى وفقا لمكانة اجتماعية.ما حققته المرأة في المجتمع الكويتي أعطى الجيل الحالي من الكاتبات مساحة للخروج من عباءة الكتابة النسوية الى الكتابة الإبداعية الإنسانية. وربما هنا يكون مأخذنا على قصة "ميرندا" موقفا نسجله بغض النظر عن جنس الكاتب، فلم تكن القصة موفقة وربما هي الوحيدة التي كانت فيها المفارقة مرتكبة ومرتبكة في نفس الوقت.