بعد مرور ثمانية أشهر من الثورات العربية المباركة التي تدعو إلى زحزحة الحكام المتغطرسين الذين ساهموا في تردي أحوال الأمة، ووصموها بالعار والشنار بأفعالهم المشينة التي يندى لها الجبين، وعاثوا فسادا بمخلفاتها الفكرية، وذعرا بأحزابهم الاستبدادية، ودمارا نفسيا قبل البدني، بالقضاء على شعب ينادي باسم الحرية فإنني لأعجب من تلك النفوس الإنسانية التي لا توصف إلا بالحقارة والدناءة الروحية في تشبثها بحكم شعب لا يريدها.
إذ يسعى هذا الشعب جاهدا إلى إسقاط حكامه وإزالتهم عن الحكم، وذلك بعد أن بان الظلم وتفحش، وفاحت رائحته عفنا في أرجاء المعمورة.فأين هؤلاء الزمرة من عمر بن الخطاب حين طلب من المسلمين أن يقوموه إذا أخطأ، فردوا عليه لو فعلت أو خرجت عن الصراط لفعلنا بسيوفنا كذا، ووضعوا أيديهم على رقابهم، فما كان من سيدنا عمر بن الخطاب إلا أن حمد الله، وأثنى عليه في أن جعل من الشعب من يساعده على رد المظالم، لا بل يحاكمه إذا أخطأ؟ أين حكامنا من هذه السياسة الواعية الرشيدة التي ترفع من شأن الأمة؟والله إني لأعجب من حكام يقتلون شعوبهم لمجرد المناداة بأقل حقوقهم كالحرية، فإني والله لا أرى فيهم إلا قول الله تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ* مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ".فلا تحسبوا أيها الحكام البغاة أنكم ستفلتون من عقاب الله في الدنيا، وأي خزي وعار يلقاكم عندما تقفون بين يدي الله في الآخرة؟! وكيف لكم أن تصدوا دعوة اتفقت عليها جموع شعوبكم على إزالتكم بعد أن تكشفت أنيابكم، وبرزت خباياكم، وأرديتم الأمة بفعالكم التي لطخت التاريخ، وشوهت الحضارة الإسلامية؟ولكن أقول إن حضارتنا السمحاء براءة من تكالبكم على مناصب ينبغي أن تتنازلوا عنها بطيب خاطر منكم، وإلا فويل لكم يا حكام العرب من قول رسول الله- عليه الصلاة والسلام- "إن الناس إذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك الله أن يعمهم بعقاب"، فأما الناس فقد أوقفوكم عن المظالم وردوكم عنها، فعليكم الاتعاظ بنهاية الظالمين، من قبل أن يأتي أمر الله بهلاككم، والذي قال في محكم تنزيله: "وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا" وأمر الله واقع لا محالة.
مقالات
ويل لحُكّام العرب!!
27-08-2011