حياة بين كاتبين
![زاهر الغافري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1462211981272872400/1462211991000/1280x960.jpg)
ينظر هؤلاء البدلاء بعيون حزينة إلى الشاعر الذي سيغادر عالم مدينته لشبونة، كما غادر ذات مرة إلى جنوب إفريقيا عندما كان صغيراً، ويُلاحظ هنا أن تابوكي يضيء اللحظات الأكثر حميمية وألماً وعزلة، وهي اللحظات الأخيرة لاستذكار الحياة كأنما يريد أن يذكرنا بالمصير الذي يقود إلى العزلة والموت والأشباح الذين ابتكرهم بيسوا في لحظة من اللحظات الابداعية النادرة، غير أن تقنية الكتابة هي محاولة حثيثة لنوع من التحايل، التحايل على ما هو معروف ومختبر مسبقاً، وستظل الموهبة الحقيقية في إيجاد صيغة مدهشة للكتابة وهذا ما فعله الكاتب البرتغالي خوسيه ساراماغو 16 نوفمبر 1922 وتوفي 18 يونيو 2010 الحائز جائزة نوبل عام 1998 في روايته «ريكادوريس» في هذا العمل الفخم يعيد فيه ساراماغو تنظيم العلاقة المتوترة بين بيسوا وقرينه ريكاردوريس الذي كان منفياً في البرازيل سنوات ديكتاتورية سالازار. عندما عاد سيكتشف عالماً مختلفاً كلياً عالماً تركه منذ سنوات طويلة، لكن ساراماغو يقلب المعادلة إذ ستصبح شخصية ريكاردوريس هي الشخصية المحورية في العمل كله، ريكاردوريس السياسي الرديكالي الذي سيعود ليلتقي بفرناندو بيسوا في مقابر لشبونة الخالية بعد منتصف الليل هكذا يتحول ريكاردوريس الذي كان بديلا في مخيلة بيسوا شخصية مركزية في متن الرواية بحيث لا يظهر بيسوا مبدع الشخصية الاصلية سوى كظل بديل او شبح اقرب الى ملاك الموت الاسود، هذا القلب هو الذي يجعل من رواية خوسيه ساراماغو عملاً فنياً فذ بمخيلة ابداعية رائعة.