على الرغم من اتفاق خبراء القانون الدولي حول المكانة الفريدة التي تشغلها الأمم المتحدة كمنظومة دولية وإيمانهم بالدور الحيوي لمجلس الأمن في إصدار القرارات الملزمة دوليا، فإن ذلك لم يمنع تأرجح التوصيات الأممية بين الدول هذا العام كقضية الكرسي الطائر لدولة فلسطين.

Ad

أقول ذلك بعدما وجدنا أنفسنا هذا العام خاضعين لأجندة إقليمية  مثقلة بالقضايا الدولية والإقليمية، مفتقدين مهارات "التسويق السياسي" الدولي لمبادرات الحوار والسلام، وقد برزت وللمرة الأولى من خلال الكلمات الرسمية للوفود الدولية تعابير تخص ما يجري في العالم العربي كـ"الربيع العربي" و"حركات التغيير العربية" مراهنة وبحذر على نجاح المراحل التنفيذية الخاصة  بحركات التغيير في العالم العربي، ودخول الدول في المرحلة الأصعب وهي مرحلة بناء الدولة.

أما كلمة الكويت هذا العام، والتي ألقاها سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، فقد احتوت على عناصر كثيرة مكملة لمبادئ إرساء النظام الدولي, فابتدأت بتحية دولة قطر رئيسة الدورة الحالية  لمجلس الأمن, ثم تناولت مواضيع متعددة أولها الشأن الإفريقي وذلك لارتباط الكويت بنقاط ثلاث: الأولى هي دعم الكويت لانضمام دولة جنوب السودان، والثانية مساندة الكويت للقرن الإفريقي عبر التبرع للصومال وشرق السودان، والثالثة وهي الأهم، دور الكويت في دعم المشاريع التنموية في القارة الإفريقية. أما بخصوص  الشرق الأوسط فقد دعت إلى وقف استخدام القوة والاستجابة لمطالب الشعوب، ودعم الحوار والتفاهم، ودعم جهود إيران في بناء الثقة حول النشاط النووي بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ودعت إيران لحل النزاع حول جزر الإمارات, وكعادة الخطاب الكويتي فقد احتوى هذا العام على معاني حسن الجوار تجاه العراق، وفي هذا الشأن علينا ألا نتجاهل تفعيل الدور المهم للمنظومة في كشف ما يتصل بالأسرى والمفقودين الكويتيين  وصيانة العلامات الحدودية وغيرها من أمور خاضعة للقرارات الدولية.

وللتذكير, فقد اقترحنا هنا وعبر سطور المقالة الخاصة بالأمم المتحدة في العام الماضي ضرورة تبني الأمم المتحدة "للدبلوماسية الوقائية", وها قد اختار الأمين العام هذا العام موضوع الدبلوماسية الوقائية شعارا للمرحلة الحالية, بالإضافة إلى تبني دور الوسيط في تسوية المنازعات انطلاقا من واجب منظومة الأمم المتحدة تجاه توفير البيئة السلمية، وإبعاد شبح الحرب، ونزع فتيل الأزمات قبل حدوثها.

وأخيراً، أخي القارئ ففي العام الماضي ألقت الكلمة الأضواء على عزم الكويت تنفيذ خطتها التنموية في القريب العاجل واستعادة جاذبيتها الاقتصادية والاستثمارية، وفي هذا العام جاءت الكلمة محملة بالقضايا الدولية، وما نتمناه اليوم هو الالتزام بسياسة تنفيذية للخطة التنموية لتعزيز مصداقية خطابنا الخارجي الدولي.

كلمة أخيرة:

استغرق كرسي جنوب السودان أشهرا معدودة ليتم تثبيته في الأمم المتحدة, أما الكرسي الفلسطيني فمازال منذ ستين عاما في قائمة الانتظار!