في هذا المقال أربعة مشاهد للتسامح في الإسلام... مهداة للنائب أسامة مناور: المشهد الأول عندما سمح النبي لوفد نجران أن يصلوا في مسجده ناهيا الناس عن إيقافهم، والثاني ما جاء في العهدة النبوية، والثالث موقف عمر بن الخطاب من البطريرك «صفرونيوس» في بيت المقدس، والرابع ما أعطاه عمرو بن العاص لأهل مصر من أمان.

Ad

بعد التصريح الناري للنائب أسامة مناور الذي بدأ مشواره النيابي بالمطالبة بإزالة الكنائس الموجودة، ثم بين بعد ذلك بأنه لا يقصد إزالة الكنائس الحالية إنما يعترض على بناء المزيد منها! ارتأيت أن أهديه في هذا المقال أربعة مشاهد للتسامح في الإسلام... لعل وعسى!

المشهد الأول:

يدخل وفد من نجران على النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو في مسجده بعد العصر، فتحين صلاتهم ليقوموا يصلون في مسجده، فلما رأى الناس ذلك أرادوا منعهم: فقال رسول الله: دعوهم! فاستقبل القوم المشرق وصلوا صلاتهم... في مسجد رسول الله!

المشهد الثاني:

رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام يعطي عهد أمان للنصارى يؤمنهم فيه على أرواحهم وأموالهم وكنائسهم يعرف بالعهدة النبوية... جاء فيه:

«هذا كتاب كتبه محمد بن عبدالله إلى كافة الناس أجمعين بشيراً ونذيراً ومؤتمناً على وديعة الله في خلقه لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وكان الله عزيزاً حكيماً، كتبه لأهل ملته ولجميع من ينتحل دين النصرانية من مشارق الأرض ومغاربها قريبها وبعيدها، فصيحها وعجميها، معروفها ومجهولها، كتاباً جعله لهم عهداً، فمن نكث العهد الذي فيه وخالفه إلى غيره وتعدى ما أمره كان لعهد الله ناكثاً ولميثاقه ناقضاً وبدينه مستهزئاً وللّعنة مستوجباً سلطاناً كان أو غيره من المسلمين المؤمنين، لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا حبيس من صومعته ولا سايح من سياحته ولا يهدم بيت من بيوت كنائسهم وبيعهم ولا يدخل شيء من بناء كنائسهم في بناء مسجد، ولا في منازل المسلمين، فمن فعل شيئا من ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله ولا يحمل على الرهبان والأساقفة، ولا من يتعبد جزيةً ولا غرامة، وأنا أحفظ ذمتهم أين ما كانوا من بر أو بحر في المشرق والمغرب والشمال والجنوب، وهم في ذمتي وميثاقي وأماني من كل مكروه- ولا يجادلوا إلا بالتي هي أحسن ويخفض لهم جناح الرحمة ويكف عنهم أذى المكروه حيث ما كانوا وحيث ما حلوا- ويعاونوا على مرمّة بيعهم وصوامعهم ويكون ذلك معونة لهم على دينهم وفعالهم بالعهد».

المشهد الثالث:

بعد تسلم عمر بن الخطاب مفاتيح بيت المقدس من البطريرك «صفرونيوس» خطب عمر في أهل بيت المقدس قائلا: «يا أهل إيلياء لكم ما لنا وعليكم ما علينا». ثم دعاه البطريرك لتفقد كنيسة القيامة، فلبى دعوته، وأدركته الصلاة وهو فيها فتلفت إلى البطريرك، وقال له أين أصلي، فقال «مكانك صل» فقال: ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة القيامة، فيأتي المسلمون من بعدي ويقولون هنا صلى عمر ويبنون عليه مسجداً... وابتعد عنها رمية حجر وفرش عباءته وصلى!

المشهد الرابع:

بعد فتح مصر أعطى عمرو بن العاص رضي الله عنه المسيحيين أماناً جاء فيه «هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وبرهم وبحرهم لا يدخل عليه شيء ولا ينتقص»، وكان يوصي دائماً في خطبه المسلمين بمراعاة الأقباط والمحافظة على حسن جوارهم قائلاً لهم «استوصوا بمن جاورتموه من القبط خيراً»، وساعد عمرو بن العاص المصريين في بناء الكنائس وترميمها التي تهدمت إبان حكم البيزنطيين، ولقد بنيت الكنائس والأديرة في العهد الإسلامي وكان أولها كنيسة الفسطاط التي بنيت في عهد مسلمة بن مخلد 47 - 68 للهجرة وحتى نهاية القرن الثاني عشر الميلادي كان عدد كنائس مصر وأديرتها قد وصل إلى 2084 كنيسة، 834 ديراً!

***

مولانا أسامة «الركادة زينة»... فاركد قليلاً جزاك الله خيراً، فليس لأجل الكنائس وإزالتها قد انتخبك الناس!