كل عام ومصر بخير

نشر في 27-01-2012
آخر تحديث 27-01-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. محمد لطفـي ما أسرع الزمن، 365 يوما بالتمام والكمال مضت منذ اندلاع الثورة المصرية في 25 يناير 2011، عام كامل منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة، 52 أسبوعا دخلت الزمن الماضي من عمر الثورة المجيدة، فماذا حققت وفيم أخفقت؟

بدايةً، التهنئة واجبة لكل مصري بعودة وطننا الحبيب إلى أحضان الشعب، وإنقاذه من براثن طغمة فاسدة أرادت بخبث ومكر الاستيلاء عليه وعلى مقدرات شعبه وخيرات أرضه، والتهنئة لجميع المصريين بلا استثناء فكلهم شاركوا في الثورة، من خرج إلى الميادين وساهم في التظاهرات ومن شارك في اللجان الشعبية حارسا للممتلكات، ومن تحمّل الانفلات الأمني بشجاعة وبسالة، ومن عالج التدهور الاقتصادي بصبر وحكمة، ومن تغيب عن مدرسته، ومن عطل عن جامعته.

جميع المصريين بلا إقصاء لأحد شاركوا في الثورة، وكانوا لها زادا ووقودا فللجميع أقدم التهنئة، وأدعو الجميع إلى الشعور بالفرح والتفاؤل في هذا اليوم، وقبل الجميع وفوقهم وعلى رؤوسنا نضع شهداء الثورة ومصابيها، ونؤكد حقوقهم التي لن نتنازل عنها أبداً، فهؤلاء الشهداء– يرحمهم الله- والمصابون– شفاهم الله- هم حجر الزاوية للثورة وعمودها الفقري وسر نجاحها، ورغم مساهمة المصريين جميعا فإن لهؤلاء النصيب الأكبر من التضحية والفداء، ولهم القسط الأكبر من التعظيم والثناء.

ماذا سيحدث في 25 يناير؟ أو بالأدق ماذا حدث؟ فالمقال يرسل صباحا قبل انتصاف النهار ليكون بين يدي القارئ صباح الجمعة، ولا أحد يعلم ماذا سيحدث على وجه اليقين، ونعود إلى سؤال البداية ماذا حققت وفيم أخفقت؟

قبل الإجابة نؤكد أن الثورة لم يكن هدفها الإطاحة بمبارك كشخص أو بعائلته ورجال نظامه كأفراد، ولكن الهدف (عيش- حرية- عدالة اجتماعية) بناء مصر جديدة بلا فساد ولا ظلم، بلا توريث ولا قهر، وبناء بلد جديد– كما يعلم الجميع- يحتاج إلى ركائز تدعمه وأساسات ينطلق منها ويعتمد عليها، فيكون السؤال: هل حققت الثورة ذلك؟ أقولها بكل صدق ويقين نعم، نعم حققت الثورة الركائز الأساسية والدعائم اللازمة لبناء مصر الجديدة، فقد تم وبحمد الله:

* القضاء على مخطط التوريث الأبدي الذي كان يعد له النظام البائد، وعادت مصر جمهورية حقيقية الحكم فيها للشعب وحده والقيادة لمن يختاره باقتناع وحرية.

* القضاء على التزييف التشريعي الذي كان يمارسه مبارك وأعوانه من خلال تزوير الانتخابات، وعادت مصر بلدا ديمقراطيا لتؤكد ممارستها الفعلية للديمقراطية لأكثر من قرن ونصف.

* القضاء على فساد السلطة التنفيذية، وبرنامج بيع مصر لرجال أعمال فاسدين لا يفكرون سوى في مصالحهم الذاتية، متجاهلين حق الشعب في ثرواته.

نعم حققت الثورة– إلى الآن- كل هذا، وأقول ذلك لمن يتحدث ويدعي كذباً أن الثورة لم تحقق شيئا، وأنها سرقت، وأننا استبدلنا زيدا بعبيد، أقول ذلك لمن يهوون جلد الذات والتقليل من الإنجازات، لمن يسعون إلى إثارة الشارع وتهييج الجماهير، حققت ذلك ولكن هل هذا فقط ما ننتظره من الثورة؟ كي أكون منصفا: لا وألف لا. فمازال هناك الكثير مما يجب عمله والقيام به، وسيتم بإذن الله، وسيكون تطورا طبيعيا ومنطقيا لما تم ونجحت الثورة في تحقيقه.

ولكن قبل الانطلاق إلى الأمام من الضروري محاسبة المسؤولين ليس فقط عن قتل المتظاهرين في يناير 2011، ولا عن عقود الفساد والظلم الطويلة، بل محاسبة المسؤولين أيضا عن كل ما حدث خلال العام الماضي، والتسبب في أحداث شهدتها مصر راح ضحيتها الكثيرون، وكانت سببا في تباطؤ الحراك الثوري وإثارة الخلافات والانقسامات بين جموع الشعب.

لا، لا حصانة لأحد، ولا تصالح مع أعداء الشعب من مبارك ورجاله إلى المجلس العسكري، مرورا بأحمد شفيق وعصام شرف، فمحاسبة الجميع واجبة، ومن تثبت إدانته يعاقب، ومن تثبت براءته فأهلا به في مصر الجديدة، مصر بلا فساد، بلا رشوة، بلا محسوبية، بلا توريث، مصر التي تحفظ للمواطن كرامته ومكانته وحقه الذي يأخذه بلا منّة، وواجبه الذي يؤديه بلا فضل.

مصر الحبيبة العزيزة التي نتمناها، وعندئذ نقول لمصرنا الغالية "كل سنة وأنت بخير".

back to top