هل سيتم طرد المغرب والأردن من منظومة مجلس التعاون حتى قبل صدور قرار ضمهما رسمياً، وذلك بعد التحولات السياسية السريعة والمفاجئة التي شهدتها هاتان المملكتان خلال أيام قليلة، وإعلان ما يعرف بالملكية الدستورية عبر تعديلات دستورية تعطي مزيدا من الصلاحيات للبرلمان وحق تشكيل حكومة منتخبة؟
وهل جاءت الخطوة المغربية المتزامنة مع القرار الملكي الأردني في التوجه نحو نظام الملكية الدستورية بمحض المصادفة، رغم التباعد الجغرافي بين الدولتين أو أنها نتيجة لقرار استراتيجي نابع عن قراءة حقيقية لرسالة الحراك الشعبي في عموم المنطقة العربية؟ وكيف سيكون الموقف الرسمي من دول مجلس التعاون من هذه المفاجأة السياسية وتأثيرها في قرار ضم المغرب والأردن إلى ضفة الخليج؟والسؤال الأصعب: كيف كان يقيم هذا التغيير الجذري لو افترضنا اعتماد عضوية المملكتين مثلما كان التوجه التعاوني قبل شهرين؟ وما انعكاسات ذلك على الوضع الخليجي لو فقست بيضة الملكية الدستورية في عش مجلس التعاون الخليجي؟هذه بعض التحفظات التي أثرناها في مقال سابق على خلفية آخر اجتماع قمة لدول مجلس التعاون والمقترح المفاجئ والغريب لضم المغرب والأردن، دون أن يخضع مثل هذا القرار لرؤية مستقبلية شاملة تأخذ بعين الاعتبار البعد السياسي والاقتصادي والاستراتيجي لمفهوم توسعة نطاق المنظومة الخليجية أفقياً وشكلياً، ولم نرَ في مثل هذا القرار أي مبررات منطقية اللهم في البعد الأمني الذي كان يثير المخاوف بأنه قد يكون موجهاً ضد شعوب المنطقة أو أي تحرك سياسي يطالب بمزيد من الحريات والإصلاحات.ومع تأكيدنا حتمية تعزيز وتطوير كل أشكال التعاون والتكامل مع الدول الشقيقة، وعلى جميع المستويات بما ينعكس إيجاباً على حياة الشعوب العربية واستقرارها ونجاحها في مواجهة تحديات الواقع والمستقبل، ومنها الأردن والمغرب، إلا أن شكلية توسيع هيكلية المنظومة الخليجية لم تكن موفقة على الإطلاق، وها هما الدولتان المعنيتان بالأمر قد ردتا على الرسالة الخليجية وقررتا الالتفاف على المطالب الشعبية عندهما كأولوية قصوى.ولعل العاهلين المغربي والأردني لم يقرآ التاريخ فحسب بل الواقع بعناية أو جزء منه، بدليل أن سقف المطالبات الشعبية عندهما أعلى بكثير من الخليج، وحتى مبادرة الملكية الدستورية قد ينظر إليها منقوصة عندهما، وهذا بالتأكيد شأن داخلي نتمنى له التوفيق.ومع المغرب والأردن لم يتبق أمام دول مجلس التعاون، وهي ترى على مدار الساعة الحركة الشبابية المتدفقة من كل حدب وصوب، إلا أن تجيد قراءة المشهد السياسي وأن تتعامل معه وفق منظور بعيد المدى، وأن تعي أن شعوبها هي صمام أمنها، والتي تستحق أن تكون شريكا حقيقيا في صنع القرار، وبما تحمله هذه الشعوب من طاقات وكفاءات وعقول مخلصة، وألا يُكتفى برأي بطانة السوء التي تشوه الحقائق وتضرب حواجز نفسية مريضة بين الحكومات والناس للمحافظة على مصالحها الخاصة والضيقة، والشواهد كثيرة على أن أمثال أصدقاء السوء هؤلاء هم أول من يتنصل وربما يضرب خناجر الغدر من الخلف!كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
المغرب والأردن والخنجر الخليجي
21-06-2011