رحل الأستاذ سهيل عبود وترك خلفه مقدارا كبيرا من الحب والتقدير في قلوب من عرفوه، فاستشعروا مرارة فقده وحزنوا لرحيله أيما حزن... فتقاطر العشرات منهم للكتابة عنه، وأكاد أجزم أن هنالك العشرات غيرهم من محبيه وأصدقائه ومعارفه ممن لا يمتلكون ناصية الكلمة ويعييهم التعبير فما رثوه كتابة ولسان حالهم يقول إن الألم أكبر من كل الكلمات.

Ad

لا أستطيع القول إني أعرف الأستاذ سهيل عبود، فلم يسبق لي أن التقيت بالراحل إلا مرة واحدة في مكتبه، حيث يعمل سكرتير تحرير في جريدة "القبس"، في لقاء لم يتجاوز النصف ساعة، ولم يدر حينها الحديث حول موضوع محدد، فلم يتسن لي من خلال اللقاء أن أتعرف عليه كثيرا، وإن كنت لمست شيئا من ثقافته التاريخية العميقة.

ولهذا فلا أعتقد أني أمتلك ما يؤهلني للانضمام إلى قائمة محبيه وأصدقائه ومعارفه ممن حق لهم رثاؤه بعد رحيله منذ أيام... لكنني أكتب اليوم، بعدما تابعت باهتمام، وتوقفت مليا أنظر في ذلك الكم الكبير من المقالات الرثائية البديعة التي كتبت في حق هذا الرجل...

عشرات من المقالات التي كتبها من أحبوه وعرفوه وزاملوه، يذكرون بها مآثره ويعددون سجاياه، ويتفقون جميعا على طيبته وإيجابيته الدائمة مع الجميع عبر كلمته التي لازمته دوما وكان يرددها في كل حين: "بسيطة".

رحل الأستاذ سهيل عبود وترك خلفه مقدارا كبيرا من الحب والتقدير في قلوب من عرفوه، فاستشعروا مرارة فقده وحزنوا لرحيله أيما حزن... فتقاطر العشرات منهم للكتابة عنه، وأكاد أجزم أن هنالك العشرات غيرهم من محبيه وأصدقائه ومعارفه ممن لا يمتلكون ناصية الكلمة ويعييهم التعبير فما رثوه كتابة، وكذلك كثير غيرهم ممن ألجمتهم صدمة رحيله، ولسان حالهم يقول إن الألم أكبر من كل الكلمات.

لماذا أكتب عن رجل لعل الكثير منكم لا يعرفونه؟ السبب هو أني منذ أيام، كنت أتحدث مع صديق لي عن رحيل سهيل عبود، فقلت له: لم أكن أظن أن من الممكن أن يغار الأحياء من الأموات... فقال لي: كيف؟ قلت: حين رأيت هذا المقدار الكبير من التأثر والتقدير والحب الذي جرى في مرثيات أصحاب ومعارف وزملاء سهيل عبود بعد رحيله، غبطته على هذه المكانة الكبيرة في قلوبهم، فليس أروع من أن يرحل الإنسان عن هذه الدنيا الفانية تاركا خلفه كل هذا الإرث الجميل من المحبة والتقدير والثناء في نفوس الناس، وأن يظل الناس من بعده لا يذكرونه إلا بالخير... إنه الرحيل النبيل الجميل الذي يتمناه كل كريم لنفسه... وهو ما أتمناه لنفسي ولا شك.

قرأت مرة مقولة عميقة للشيخ سلمان العودة جاء فيها: "إن أهميتك ليست بحجم من يعرفونك، بل بحجم من يتأثرون بك ويحدثون التغيير"، وهذا هو الرصيد الإنساني الحقيقي فعلا، فليس مهما كم تعرف من الناس، وكم عدد الأرقام المخزنة في هاتفك النقال أو في مفكرتك الشخصية، إنما أن يتأثر بك الناس حقا، ويتغيرون... يتغيرون إلى الأفضل طبعا، فهناك من يتأثر بهم الناس فعلا لكنهم يتغيرون إلى الأسفل، يتغيرون انحدارا نحو الأسوأ، ويا له من تأثير مخزٍ.

رحل الأستاذ سهيل عبود إلى ربٍ عادل كبير رحيم، وترك خلفه هذه الذكرى الطيبة والحب الكبير في قلوب كثير من الناس، صادق العزاء لأهله وذويه ومحبيه وأصدقائه وأسأل الله أن يلهمهم الصبر والسلوان، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".