في عام 1984، إذا أسعفت الذاكرة، كان الدكتور المهندس نبيل قدومي يحمل هماً كبيراً في ذلك الوقت، وهو يحاول ادخال الكمبيوتر الشخصى PC الى كلية الهندسة في جامعة الكويت. حدثنا الدكتور أيامها عن شاب وزميل له استطاعا في عام 1976 تصنيع جهاز أطلقا عليه اسم Apple في كراج العائلة، يومها لم نكن نعرف اسم الرجل أو لم نعد نذكره.

Ad

يوم الخميس 2011/10/6 تناقلت الناس خبر وفاة الرجل الذي غير العالم بإطلاقه أجهزة الحاسب الشخصى وغير وجه المعرفة والثقافة الكونية ليحتل مكانا يستحقه الى جانب عظماء صناعة الفكر الانساني. "ستيف جوبز" سيبقى اسما في عالم صناعة الكمبيوتر الى جانب منافسه بيل جيتس صاحب مايكروسوفت وحين تتذكر أميركا والت ويتمان في الشعر ووليم فولكنر في الرواية وتينيسى وليامز في المسرح وأينشتاين في الفيزياء ستتذكر ستيف جوبز كعلامة بارزة من علامات الحضارة البشرية في القرن العشرين.

ستيف جوبز الشاب الفقير الذي تبنته عائلة أميركية من عائلة عربية غادر الكلية بعد فصل واحد واتجه نحو ميوله الذاتية كمبتكر وهو يعلم أنه اتخذ القرار الصائب فكما قال: لو لم أقرر ترك الكلية حينها لما استطعت أن أبتكر الجهاز الذي غير العالم. والعالم اليوم يدين لهذا الرجل، بالاضافة طبعا لآخرين عملوا معه، بالفضل الأكبر في اكتشافات عديدة كان لها الفضل في اختصار المسافة بين الانسان والمعلومة والانسان والآخر في أماكن متباعدة.

ترك ستيف الكلية كطالب ولكنه ترك لها ما لا يمكن لها الاستغناء عنه اليوم. تركها مؤمنا بقدراته على التغيير والانتقال بوسائل المعرفة من عالمها القاسي في ذلك الزمن الى عالمها اليسير، فمن يحمل جهازه الشخصى اليوم يحمل مكتبة ضخمة تتنوع معارفها ومشاربها باختلاف ذوق حاملها.

ستيف جوبز كجميع العظماء لم يبلغ أبدا حد اليأس ولم يستطع الاستسلام وحين تم فصله من الشركة في اواخر مايو عام 1985 قال عن فصله من العمل جملة ذكرتني بكائن ميلان كونديرا فيما بعد "ان ثقل كوني ناجحا قد استبدلته بخفة أن اكون مبتدئا مرة أخرى، لقد حررني (الفصل من العمل) لأدخل احدى أهم مراحل حياتي".

كانت الرحلة التالية أكثر ازدهارا في حياة الرجل ليدخل مجال التصميم الجرافيكي ويشارك والت ديزني في تغيير وجهة العالم السينمائي، والتى بدورها أدخلت التصميم الكرتوني الحديث على أفلامها وأنتجت مجموعة من الأفلام أجملها، بالنسبة لى على الأقل، هو Up  عام 2009. والنجاح الأخير لستيف جوبز هو عودته الى أبل أو عودتها اليه وابداعاته الأخيرة في سلسلة I-phone  وI-pod  لتجعل من الشركة مشروعا خرافيا يحقق سنويا ما لا تستطيع دول نامية تحقيقه.

مات ستيف جوبز بمرض سرطان البنكرياس، لكنه ترك قصة نجاح طويلة مليئة بالكفاح والقدرة على التكيف مع الصعاب وأهم من ذلك ترك مشروعا لا يستغني عنه المفكر والباحث و المهندس والسينمائي والعالم ورجل الأعمال والطالب والانسان المستلقي على ظهره يلهو بأجهزة الهاتف النقال.