الدماغ محب للحياة ومتعها كالهواء والغذاء والرياضة. ورغم اتفاق العلماء على أن الذكاء له علاقة بالوراثة وبطبيعة تركيب الدماغ، فإنهم يؤكدون أنه ينمّى أيضاً بالعلوم والمهارات والغذاء.

Ad

أصبح من الممكن تطوير القدرات المخفية بين طيات الدماغ إذا اكتشفنا ما يحتاج إليه هذا الأخير وما يستمتع به، لا سيما الغذاء. كذلك من المهم حماية الدماغ من الألم والملوثات وتوفير دعم بيئي له لينمو ويتطور.

بطبيعته، يحبّ الدماغ الحياة والسعادة، على غرار الإنسان، ويعمل بجد ومثابرة في الأجواء الإيجابية النشطة الممتعة، وفي غياب السعادة والمتعة تصبح خلايا الدماغ بليدة وخاملة، لكن بوجود التشويق والأفكار الجديدة والنشاط والمتعة تنشط الخلايا العصبية وتظهر زوائد متشعبة في الاتجاهات كافة، أي تصبح قادرة على النمو والتطور.

يحب الدماغ النظام الغذائي المعتدل كما يفضل التنوع في الغذاء ويستمتع بالدسم (لا أنواعه كافة) والأطباق الشهية المحضرة بعناية، وينزعج من النظام الغذائي القاسي الخالي من الدهون أو الكربوهيدرات الذي يفرض عليه أحياناً. كذلك يستمتع الدماغ ويبدع بممارسة الرياضة لأنه يتغذى من الأوكسيجين ويعشق الضحك والفرح والنوم. باختصار، يستمتع بالأمور نفسها التي تسعد الإنسان لأنه جزء منه.

اختيارات ذكية

ثمة عوامل تهيئ بيئة جيدة لتنشيط الدماغ وزيادة الذكاء، فرائحة المعجنات والحلويات والأداء الفكري والأنشطة البدنية والمناسبات العاطفية والاحتفالات، كلها خيارات جيدة لتنشيط الدماغ وزيادة الذكاء. كذلك ينشط الدماغ جراء أسلوب الحياة الصحي والنظام الغذائي الجيد، والاختيارات الصحيحة للأنشطة الفكرية، والاستخدام السليم للحواس، واكتشاف المفاهيم المختلفة التي يسهل فهمها ثم تطبيقها، والتزود بالفيتامينات والمعادن الضرورية وقت الحاجة. هذه الأمور البسيطة كافة تتيح اختيارات جيدة ونتائج مضمونة لتنمية الذكاء.

إسعاد الدماغ

يعني إسعاد الدماغ زيادة الذكاء، فالدماغ يسعد لأمور سهلة وبسيطة كالهدوء والطبيعة والهواء النقي والماء العذب والأوكسيجين والتغذية المناسبة، لا سيما الدهون والسكريات الجيدة، وهو عضو رومنسي للغاية يتوق إلى الحب والأجواء الحميمة والحياة الممتعة السعيدة، وكلما زادت سعادة الدماغ توقد نشاطه واشتعل ذكاؤه.

قواعد أساسيَّة

الأكل الجيد والتنفس بعمق

الدماغ أناني وطماع يريد كل شيء بسرعة وإلحاح، يحتاج إلى التزوّد بمقدار 100 ملغ من الغلوكوز في الدقيقة وإلى الأوكسيجين ليقوم بعملية الاحتراق، ويتزود بهما من تلقاء نفسه فيستأثر بـ 20% من السكّر من الغذاء المتناول، 20% من الأوكسيجين المتنفس. يحتكر الدماغ مقداراً من الطاقة تقدر بـ 10 مرات أكثر من الطاقة التي يستخدمها أي عضو آخر، علماً أن وزنه لا يتعدى 2% من وزن الجسم.

تتأثر فاعلية الدماغ وعمله بالغذاء والأوكسيجين، في حالة غضبه يتأثر الجسم وتحصل مشاكل وينخفض معدل السكر في الدم، يرافقه دوار وتراجع في مستوى الوعي والتنبيه والتيقظ. إذا استمر نقص الأوكسيجين أو السكّر بشكل كبير تبدأ معاناة الدماغ وتموت خلايا عصبية بعد ثلاث دقائق من حرمانها من هذه المواد.

الهواء والسكر

ثنائي بالنسبة إلى الدماغ

وجود هذا الثنائي ضرورة ملحة، إذ لا يكفي وصول أحدهما إلى الدماغ، ذلك أن السكّر لا يمكن أن يؤدي دوره كوقود إلا بوجود الأوكسيجين، ومن دون هذا الأخير يقل إنتاج السكّر للطاقة 18 مرة، أي يكاد لا ينتجها. من المهم لسلامة الدماغ عدم زيادة الوقود أو نقصها، لذلك يجب اختيار سكريات بطيئة كي لا يستهلكها الدم بسرعة.

الغذاء الجيد ضروريّ

الدماغ الذي لا يتغذى بشكل جيد لا يستطيع أن يقوم بمهمة التنسيق أو الحفظ أو التذكر، أو أي مهمة أخرى مطلوبة منه مهما كانت بسيطة. لذلك لا بد من إمداده بغذاء جيد يتكون من عناصر غذائية متعددة، بعضها كبير مثل البروتين والدهون والسكريات وبعضها صغير مثل الفيتامينات والأملاح المعدنية.

- البروتينات: الأيدي الصغيرة: يشكّل الدماغ مصنعاً جباراً ويعتبر العضو الأكثر تعقيداًَ، وهو مركز دائم لنشاطات لا تعد ولا تحصى لأجزاء الجسم. تبني الأحماض الأمينية الموجودة في البروتينات خلايا الدماغ وترممها باستمرار، ويؤدي النقص الحاد في البروتينات إلى الإصابة بمرض Kwashiorkor ويؤثر بشكل سلبي على عمل الدماغ.

- السكريات: الوقود: يعشق الدماغ السكّر إنما ليس أي سكّر، قد يحدث السكّر السريع الاحتراق هبوطاً حاداً في معدل سكر الدم بعد استخدامه بسرعة، بينما يعمل السكر البطيء الاحتراق بشكل أفضل، إذ يحافظ على معدل السكر في الدم. قد يؤدي مرور ثلاث دقائق من دون سكّر إلى هلاك الدماغ، ومن المهم تزويده بالسكريات البطيئة بدلاً من السريعة.

- الدهون: أساس البناء: تشكل الدهون 60% من وزن الدماغ وتدير نظام التواصل كله، لكن لا بد من حسن اختيار نوعيتها، فبعضها يحمي الجسم كأوميغا-3 وبعضها يسدّ الشرايين كالدهون المشبعة.

عمل الدهون في الدماغ عكس عملها في الجسم، فليس لدهون الدماغ وظيفة حرارية أي لا تنتج الطاقة، لكنها تشكل الجزء الأساسي من أغشية الدماغ، بما أن عدد الخلايا في الدماغ ضخم فإن نسبة الدهون فيه كبيرة. تعطي الدهون الجيدة دماغاً جيداً بينما تعطي الدهون السيئة دماغاً سيئاً.

- العناصر الغذائية الصغيرة: معاونون خفيون إنما أساسيون: هذه العناصر صغيرة بحجمها، لكنها كبيرة بتأثيرها ومفعولها، وهي تتكون بشكل أساسي من فيتامينات ومعادن. بما أن هذه العناصر قوية فنحتاج إلى كميات قليلة منها، ولا يمكن أن تصل البروتينات والدهون والسكريات إلى الدماغ من دون هذه العناصر. يحتاج الدماغ الى الفيتامينات كافة ليعمل بصورة سليمة، لكن بعضها أكثر أهمية كالفيتامينات.

- فيتامين B1: يسمح باستخدام السكّر، ويعتبر أحد الفيتامينات المهمة للجسم عموماً وللدماغ خصوصاً، يصيب نقصه بمرض الـ «بري بري» أي العجز الدماغي والعصبي.

يسبب عدم تناول هذا الفيتامين لمدة أسبوع تراجعاً في مستوى الذكاء وتعباً فكرياً مع توتر عصبي. كذلك يؤدي نقص بسيط في فيتامين B1 إلى اضطرابات في المزاج وتراجع في الأداء الفكري، خصوصاً لدى المسنين، ويرجع السبب إلى دور هذا الفيتامين في استخدام السكّر. أفضل مصادره: الدجاج، البندق، الكبده، الخبز الكامل، الحبوب الكاملة، العدس والبطاطا.

- فيتامين B2: يؤمن توازناً صحيحاً بين الفيتامينات. يتوافر في: الكبده، البيض، الفطر، الروب، اللحم، الخبز الكامل، الخضار، الخضرة المطبوخة.

- فيتامين B3: ضروري ليعمل الدماغ بشكل متناسق، ويسبب نقصه داء الذرة (Pellage) ويسمى أيضاً «مرض الرأس»، ويرتبط بالمشاكل العقلية والنفسية. يتوافر في: الكبده، الدجاج، التونة، السلمون، اللحم، الأسماك، الفطر، الخبز الكامل، الحبوب الكاملة والبقوليات.

- فيتامين B6: يتركز في الدماغ بمعدل 100 مرة أكثر من أي مكان آخر في الجسم. له فضل في تحسن المزاج والحماية من الاكتئاب وتقوية الذاكرة. يتوافر في: الكبده، الدجاج، القمح الكامل، اللحوم، الأسماك، الفواكه، الخضار والبيض.

- فيتامين B9: يسبب النقص الحاد فيه مشاكل فكرية وعقلية ونفسية، يزيد من خطر الإصابة بمرضي الزهايمر وباركنسون. يتوافر في: السبانخ، الجزر، الهليون، الملفوف، اللوبيا الخضراء، البطاطا، الحبوب الكاملة، اللحوم والحليب.

- فيتامين B12: نقص هذا الفيتامين مسؤول عن الاضطرابات العصبية والنفسية. يتوافر في: الأسماك، بعض الطحالب، القشريات كالروبيان وسرطان البحر، اللحوم، البيض والأجبان.

- فيتامين C: يعمل بشكل خفي في الدماغ لكنه أساسي، فبعض الناقلات العصبية كالدوبامين تحتاجه لتعمل، يوقظ الفكر وهو مضاد للضغط العصبي ويحمي من الشيخوخة.

- فيتامين E: بما أنه يحمي الدهون من التأكسد بفعل الجذور الحرّة فهو يعتبر حارساً للخلايا العصبية ويعمل على تماسك تكوين نسيج الدماغ وثباته.

- أهمية المعادن: يحتاج الدماغ إلى المعادن المختلفة ليعمل بشكل صحيح. يؤدي الزنك دوراً في العمليات الداخلية المتخصصة، ويعتبر المغنيزيوم أحد أهم أدوات إنتاج الطاقة في الدماغ ويساهم في توازن الخلايا العصبية.

للحديد دور مهم في نقل الأوكسيجين ويؤدي النقص فيه الى نقص الأوكسيجين، بالتالي إلى خلل في عمل الدماغ. كذلك يؤدي السلينيوم دوراً مهماً للحماية من التأكسد ولليود دور مباشر في عمل الدماغ ويؤثر على الذكاء.