كثيرا ما نعاني- نحن المنتمين إلى التيار الوطني الديمقراطي، وأتكلم هنا عن التيار بشكل عام بغض النظر عن تنظيماته أو ممثليه- الكثير من المشاكل، وتواجهنا الكثير من العقبات، وجميعنا نعلمها ونعرفها ونكررها ما بيننا وبين أنفسنا، ونجد كل أمانة جديدة أو تنسيق جديد في تنظيمات التيار الوطني تتعهد بإيجاد الحلول لهذه المشاكل وتمر السنين، ومازلنا نتحدث.

Ad

إن أولى المشاكل التي يعانيها التيار الوطني الديمقراطي هي عدم وجود رؤية مشتركة أو برنامج عمل واضح نعمل من خلاله, فنحن لا نعلم ما هي القضية التالية التي سنتحرك عليها, أو ما القانون الموجود في أعلى سلم الأولويات الذي سيقر خلال الشهرين القادمين, فتيارنا الوطني عبارة عن تيار لردود الأفعال وتغلب على ردود الأفعال التصريحات والتهديدات في حال مس أحد النواب بتصريحاته ما بقي لنا من حريات منتهكة.

ثانية هذه المشاكل هي عدم وجود برامج تساعد على انخراط الشباب في العمل الوطني وتأهيله ليكون فعالا في هذا المجال, فالشباب الموجودون لديهم طريقان لا ثالث لهما, إما أن يهبهم الله الشغف بالتعلم والقدرات القيادية والخطابية والمهارية اللازمة لإثبات أنفسهم وإما أنهم سيكونون "حمالي" أو "سيكيوريتي" في إحدى الندوات في أفضل الأحوال, فالبرامج التأهيلية غائبة, والدورات التنظيمية خرجت ولم تعد, وهذه المشكلة تجرنا إلى مشكلة أكبر وهي الاهتمام بالشباب الوطني الواعد بشكل عام, فليس هناك برامج اجتماعية تساعد على استقطاب الشباب ودمجهم بالتيار الوطني، متناسين أن الوقت الآن ليس نفسه في سبعينيات القرن الماضي، وأن إخراج الشباب من أمام شاشة التلفاز أو الكمبيوتر يحتاج جهدا أكبر.

أما ثالثة هذه المشاكل فهي ضعف التمثيل النسائي في تنظيمات التيار الوطني, على الرغم من النضال الذي يشهده التاريخ لتنظيمات التيار الوطني لإقرار حقوق المرأة السياسية والاجتماعية, ومحاربته من أجل المساواة بعيدا عن التمييز على أساس الجنس, إلا أننا نرى أن الدور النسائي في هذا التيار يعتبر محدودا جدا، وفي زيارة لأي جمعية عمومية لأحد تنظيمات التيار الوطني سيظهر ما أعنيه جليا. إن المشاكل التنظيمية والإدارية كثيرة, وتحتاج جهدا ليس بالقليل لإصلاحها، فترك الانتخابات الطلابية وجمعيات النفع العام والجمعيات التعاونية، و"البلدي" والتركيز على انتخابات مجلس الأمة أنهك هذا التيار المنهك أصلا، وجعل المشاكل تتوالد, ولكن إما أن نجلس جميعنا على طاولة واحدة ونضع برنامج عمل للسنوات الخمس القادمة، وإلا سنهدم الإرث الذي نحمله، ونتغير من تيار وطني ديمقراطي إلى "تيار البطيخ".